المحرّمة. وقوله عليهالسلام : «وقليله لا ينتفع به» معناه أنّ من لم يدرك كثيره كالمنجّم فعلمه القليل باعتبار عدم إحاطته بجميع النجوم وحركاتها ومقادير حركاتها ومعارضاتها ناقص والعلم الناقص ما لا يترتّب عليه الفائدة المقصودة منه ، كالمقدّمات الناقصة الّتي علامة نقصانها عدم إنتاجها النتيجة المطلوبة منها ، وقضيّة ذلك غلبة عدم إصابة الواقع في أحكام المنجّمين وإخباراتهم ، ولذا اشتهر بل نسب إلى الرواية «أنّ كلّ منجّم كذّاب» ولا ينافيه ما قد يتّفق في أحكامهم من الإصابة لأنّه لضرب من الاتّفاق لا من مقتضى أصل العلم ، وفي ذلك تعريض على عدم جواز التعويل على أحكامهم بل عدم جواز الحكم والإخبار لهم بصورة الجزم لعدم خلوصه عن وصيمة الكذب بل الظنّ الغالب فيه الكذب.
فانقدح بجميع كلماتنا المتقدّمة من البداية إلى تلك النهاية مسائل :
الاولى : الاعتقاد في الأفلاك والكواكب والنجوم بالقدم الذاتي أو الزماني ، ولا إشكال في كونه حراماً محرّماً لكونه كفراً.
الثانية : الاعتقاد فيها بالحياة والعلم والإرادة والاختيار ، وهذا أيضاً حرام لكونه مخالفة لإجماع المسلمين ، بل قد يكون من كفر إنكار ضروريّ الدين على ما ادّعاه غير واحد.
الثالثة : الاعتقاد فيها وفي حركاتها المخصوصة وأوضاعها المعيّنة بتدبير العالم والتأثير في الحوادث السفليّة بالاستقلال أو المدخليّة فيها بالاشتراك ، ولا إشكال في تحريمه أيضاً لكونه كفراً.
الرابعة : تعلّم علوم النجوم فإن كان لمجرّد شرافته أو لكون علم الشيء خيراً من جهله أو لمعرفة الهيئة وأوضاع الأفلاك والكواكب وحركاتها ومقادير حركاتها قصداً إلى معرفة قدرة الله الكاملة وحكمته البالغة وعجائب مخلوقاته وغرائب مصنوعاته مع الاطمئنان على نفسه من الأمن عن فساد العقيدة والوقوع في إحدى الجهات المحرّمة فالظاهر جوازه ، للأصل ، وعدم الدليل على المنع والتحريم ، مع دلالة بعض النصوص المتقدّم إليها الإشارة عليه. ومع الخوف على نفسه من فساد العقيدة أو الوقوع في الجهة المحرّمة يحرم كما أنّه يحرم لو قصد به العمل لنفسه أو الحكم والإخبار لغيره.
الخامسة : النظر في النجوم بعد تعلّم علمه فإن كان ذلك لمعرفة أوقات الصلوات