وربّما يطعن عليه من حيث اشتماله على إقدام المعصوم على تناول المحرّم الواقعي جهلاً ، وهو مشكل ، لأنّ ما دلّ على عدم جواز الغفلة عليه في ترك الواجب وفعل الحرام دلّ على عدم جواز الجهل عليه في ذلك.
والخطب في دفعه سهل ، لما حقّق ودلّ عليه المستفيض من الروايات من كون علمه في الموضوعات إراديّاً ، على معنى أنّه إذا أراد علم شيء منها يعلّمه الله عزوجل من حينه ، وإذا لم يرد لا يعلم إلّا بالأسباب العادية ، فجهله هنا إنّما هو لأنّه عليهالسلام لم يرد العلم فلا ينافي العصمة ومنصب الإمامة ، وعدم جواز الجهل عليه كالغفلة عليه في ترك الواجب وفعل الحرام إنّما يسلّم في الأحكام الكلّيّة الإلهيّة.
ثمّ إنّ المعاملة القماريّة كما أنّها محرّمة كذلك فاسدة قولاً واحداً ، فيحرم الأعواض المأخوذة من جهتها بلا خلاف ، قيل : وأجمعوا عليه محصّلاً ومنقولاً حدّ الاستفاضة ، هذا مضافاً إلى آية «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» (١) ورواية إسحاق بن عمّار قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الصبيان يلعبون بالجوز والبيض ويقامرون ، فقال : لا تأكل منه فإنّه حرام» (٢) ورواية السكوني عن أبي عبد الله قال : «كان ينهى عن الجوز يجيء به الصبيان من القمار أن يؤكل ، وقال : هو سحت» (٣).
وحينئذٍ فالمال المأخوذ في ضمان آخذه ويجب عليه ردّه عيناً إن كانت باقية أو مثلاً أو قيمة إن كانت تالفة إلى صاحبه إن كان بالغاً وإلّا يردّه إلى وليّه ، وإن كان الآخذ صبيّاً يردّه وليّه ، وإن كان المالك مجهولاً مطلقاً أو في عدد غير محصور يتصدّق به عنه ، وعلى القول بكون ولاية المال المجهول المالك مع الحاكم يدفعه إليه أو يتصدّق بإذنه ، وإن كان مجهولاً في عدد محصور يجب محاللتهم ولو بالصلح.
وقد يقال : هنا بالصلح القهري ، نظير ما ذكروه في التداعي فيما لو كان المال بين اثنين فصاعداً وأقام كلّ منهما بيّنة على التساوي من جميع الجهات أو حلفا معاً أو نكلا فالمال بينهما نصفين أو أثلاثاً أو أرباعاً ، والأولى في ذلك الصلح وهو أن يصالح كلّ من
__________________
(١) البقرة : ١٨٨.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٦٦ / ٧ ، ب ٣٥ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١٢٤ / ١٠.
(٣) الوسائل ١٧ : ١٦٦ / ٦ ، ب ٣٥ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١٢٣ / ٦.