الحرمة مع الرهان وبدونه ، والجواز فيهما ، والحرمة مع الرهان والجواز بدونه. والأقوى القول الأوّل ، لنا عموم المرويّ عن المجالس من قول مولانا أمير المؤمنين : «كلّ ما ألهى عن ذكر الله فهو من الميسر» (١) وعموم ما في رواية ابن المغيرة المتقدّمة من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كلّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث» (٢) ولا ريب في كون اللعب بالمراهنة بل مطلق المغالبة والمسابقة لهواً وملهياً عن ذكر الله فيحرم.
والظاهر أنّ موضوع اللهو الّذي اخذ منه الإلهاء موكول إلى العرف فلا ينتقض بفعل المباحات الأصليّة ، أو يقال : إنّ ملاكه التلذّذ النفساني الغير المعتدّ به عند العقلاء أو ما لم يتعلّق به غرض عقلائي هذا ، مضافاً فيما فيه رهان إلى قول الصادق عليهالسلام : «أنّ الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخفّ والنصل» (٣) وإلى خبر العلاء بن سيّارة عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : «إنّ الملائكة تحضر الرهان في الخفّ والحافر والريش وما سوى ذلك فهو قمار حرام» (٤) ولو تعلّق بشيء من هذه الأفعال غرض عقلائي يخرجه عن اللهو كالمصارعة لإصلاح المزاج والركض لتقوية الطبيعة وما أشبه ذلك فلا ينبغي التأمّل في الجواز.
وقد يستدلّ على الحرمة بعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا سبق إلّا في ثلاثة الخفّ والحافر والنصل» (٥) فإنّه يدلّ على حصر الجواز في الثلاثة فيحرم ما عداها وهو عامّ. وردّ بأنّه إنّما يسلّم على احتمال السكون في لفظ «سبق» لأنّه حينئذٍ معنى مصدري بمعنى المسابقة ، وأمّا على قراءة الفتح وهو حينئذٍ بمعنى المال المبذول للسابق فغايته الدلالة على حرمة المال وهي لا تلازم حرمة الفعل. واحتمال السكون معارض باحتمال الفتح ولا مرجّح ، فحصل الإجمال المانع من الاستدلال.
أقول : يمكن منع الدلالة على احتمال السكون أيضاً ، لأنّ كلمة «لا» النافية للجنس بعد تعذّر حقيقتها ظاهرة في نفي الصحّة لأنّها أقرب إلى الحقيقة عرفاً واعتباراً
__________________
(١) ١ و ٢ تقدّم في الصفحة : ٣٥٠.
(٣) الوسائل ٢٧ : ٤١٣ / ٣ ، ب ٥٤ كتاب الشهادات ، الفقيه ٣ : ٣٠ / ٨٨.
(٤) الوسائل ٢٧ : ٤١٣ / ٢ ، ب ٥٤ كتاب الشهادات ، التهذيب ٦ : ٢٨٤ / ٧٨٥.
(٥) الوسائل ١٩ : ٢٥٣ / ٤ ، ب ٣ ما يجوز السبق والرماية ، قرب الإسناد : ٤٢.