خلاف الظاهر لظهور الإضمار في أمر قلبي.
وأمّا المعنى الثالث فهو من موضوع المسألة إلّا أنّ معقد فتاوي الأصحاب ومورد الأدلّة من الإجماعات والروايات أعمّ منه لجهات ، فإنّ الغشّ قد يكون بإدخال غير الجنس في الجنس كمزج اللبن بالماء والحنّاء بقشر الرمّان والطحين بدقيق الشعير أو الدخن والحنطة بالتراب أو بالشعير.
وقد يكون بإدخال الرديء من الجنس بجيّده كخلط الحنطة الجيّدة بالرديئة والسمن الجيّد بالرديء منه.
وقد يكون بإظهار الشيء بغير جنسه بنحو من التمويه كطلي الصفر بماء الفضّة وإظهاره فضّة وطلي الرصاص بماء الذهب وإظهاره ذهباً ويقال له المموّه ومنه إظهار لبن البقر باسم لبن الضأن أو المعز وإظهار لحم البقر أو البعير باسم لحم الغنم وإظهار دبس التمر باسم دبس العنب.
وقد يكون بإظهار صفة جيّدة للشيء مفقودة فيه واقعاً.
وقد يكون بإخفاء عيب الشيء وهذا أعمّ من الحقيقي والحكمي ، ومنه بيع المتاع المعيوب أو الرديء في الظلال على ما ورد في رواية هشام بن الحكم قال : «كنت أبيع السابري (١) في الضلال ، فمرّ بي أبو الحسن عليهالسلام فقال : يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ والغشّ لا يحلّ» (٢).
وقد يكون بإحداث صفة في الشيء كرشّ التنباكو بماء البقم ونحوه ليعتريه اللون الجيّد ، ومنه وضع الإبريسم في مكان رطب أو بارد ليكتسب ثقلاً.
ثمّ إنّ الخلط والمزج قد يكون بما لا يخفى على المشتري كخلط الحنطة بالتراب أو بالشعير والأبيض منها بالأحمر وما أشبه ذلك ، وهذا ممّا لا حرمة فيه قولاً واحداً ، بل قد يقال بخروجه عن موضوع الغشّ لما يعتبر فيه كون المزج بما لا يظهر ، وكذلك غير المزج من الأنواع المذكورة فيعتبر في الجميع كونه بما يخفى.
__________________
(١) وهو ضرب من الثياب الرقاق يعمل بسابور وهو موضع بفارس عن مغرب. منه.
(٢) الوسائل ١٧ : ٢٨ / ٣ ، ب ٨٦ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١٦٠ / ٦.