بالأعيان معناه اختصاص المثمن فيه بها كما هو الأقوى خلافاً لمن يخصّه بالأعيان مثمناً وثمناً ، وعقد الصلح المجعول فيه ما صولح عنه أو مال المصالحة فعل الواجب ، وعقد النكاح المجعول فيه فعل الواجب مهراً ، والخلع والمباراة المجعول فيهما فعل الواجب فدية.
أقول : يمكن إرجاع كلّ من التعبيرين إلى مؤدّى الآخر ، أمّا إرجاع الأوّل فنحمله على إرادة المثال لعموم مناط المنع وهو كون الوجوب مانعاً كالحرمة ، وأمّا إرجاع الثاني فبأن يحمل التكسّب المحرّم فيما يجب فعله على الإنسان على إرادة التكسّب الخاصّ وهو أخذ الاجرة في عقد الإجارة أو ما يعمّه والجعالة أيضاً.
وكيف كان فموضوع المسألة ما يجب فعله على آخذ المال عوضاً على وجه يعود ذلك الفعل أو أثره وفائدته إلى باذل المال ، كفعل الواجب الكفائي الّذي فائدته سقوط الفرض عن الباذل والقضاء الّذي يعود نفعه وهو ثبوت الحقّ للمدّعي الباذل للأجر عليه المعبّر عنه بالرشاء ، فيعتبر فيه قيدان وجوب الفعل على آخذ المال عوضاً ، لأنّ مرجع البحث في هذا الباب إلى أنّ الوجوب فيما يكتسب به هل هو مانع من التكسّب به وضعاً ، كما أنّ الحرمة فيه كانت مانعة منه تكليفاً أو وضعاً أو لا؟ وكون الفعل الواجب بحيث يعود فائدته إلى باذل المال عوضاً منه لأنّ المعتبر في عقد الإجارة عود المنفعة إلى المستأجر ، كما أنّ المعتبر في عقود المعاوضة وقوع كلّ من العوضين لباذل العوض الآخر حذراً عن المعاملة السفهيّة ، ولئلّا يقع كلّ من العوض والمعوّض لشخص واحد ، فعدم جواز التكسّب في نحو ذلك وضعاً وعدم جواز أخذ الاجرة على نحوه لأجل ذلك ، لا لمانعيّة الوجوب.
فما في الدروس : من التمثيل لما يجب على المكلّف عيناً بالصلاة اليوميّة ، ليس بسديد ، إذ لو اريد بالصلاة اليوميّة ما يجب على آخذ المال فهي وفائدتها من كمال النفس وارتفاع الدرجة واستحقاق المثوبة لا تعودان إلى باذله ، ولو اريد بها ما وجب على باذل المال فهي ليست ممّا يجب على آخذه فلا وجوب حتّى يكون مانعاً ، مع أنّها غير قابلة للنيابة بعدم جواز أخذ الاجرة عليها لأجل ذلك لا للوجوب.