وعدمه ، فعن الأكثر كما في كشف اللثام (١) المنع مطلقاً ولو مع الانحصار ، وفي المسالك (٢) «هو المشهور بين الأصحاب» وعن الخلاف (٣) وظاهر المبسوط (٤) الإجماع عليه. وعن القاضي (٥) والعلّامة في المختلف (٦) وجماعة (٧) من المتأخّرين ومتأخّريهم الجواز مع الانحصار.
مستند المشهور الأخبار الآتية المستفيضة القريبة من التواتر إن لم نقل بكونها متواترة وفيها الصحاح وغيرها من المعتبرة القاضية بمنع التداوي بالخمر أو مطلق المسكر وبالدواء المتّخذ منهما بقول مطلق.
ومستند الآخرين قاعدة الاضطرار المتقدّمة الّتي يمكن نهوضها حاكمة على الأخبار المشار إليها كما كانت حاكمة على أدلّة تحريم المحرّمات وغيرها ممّا تقدّم كرواية تحف العقول ، ولأجل ذا ربّما يترجّح في النظر القاصر هذا القول.
غاية الأمر أن يعتبر فيه إحراز الصدق الاضطرار العلم بانحصار العلاج فيه ، فلا يكفي فيه عدم العلم بعدم الانحصار ، ولكن الإفتاء به وبناء العمل عليه مشكل بل في غاية الإشكال لمخالفته الشهرة العظيمة القريبة من الإجماع المعتضدة بالإجماع المنقول ، مع أنّ أدلّة القاعدة المزبورة من الآيات والروايات بمرأى من المعظم ومسمع ، والقاعدة المستنبطة منها مقبولة لديهم معمولة عندهم في غير محلّ البحث ، كالاضطرار إلى أكل الميتة أو إلى لحم الخنزير وإلى أكل مال الغير من دون إذنه ونحو ذلك ، ولم يلتفتوا هنا إليها أصلاً وأعرضوا عن أدلّتها رأساً وأخذوا بمفاد الأخبار المشار إليها ، مضافاً إلى خلوّها على كثرتها عمّا يدلّ على الرخصة في التداوي بالخمر أو مطلق المسكر مطلقاً أو مقيّداً بالانحصار الّذي هو ملاك الاضطرار ، مضافاً إلى اشتمالها على أنواع التأكيدات في إنكار التداوي بالخمر والمنع من الاستشفاء بالمحرّم الّذي منه المسكر القاضية بشدّة الإنكار والمنع.
ففي صحيح الحلبي قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن دواء عجن بالخمر؟ فقال : لا ،
__________________
(١) كشف اللثام ٩ : ٣٢١.
(٢) المسالك ٢ : ٢٥٢.
(٣) الخلاف ٦ : ٩٧ المسألة ٢٧.
(٤) المبسوط ٦ : ٢٨٨.
(٥) المهذّب ٢ : ٤٣٣.
(٦) المختلف ٨ : ٣٤١.
(٧) كما في السرائر ٣ : ١٢٦ ، وفي المنتهى ٢ : ١٠١٠ ، وفي الحدائق ١٨ : ٧٠.