فوجه المنع فيه وفي الأداء ما تقدّم من أنّ قضيّة الوجوب فيهما عيناً أو كفاية تعيّن بذله مجّاناً فلا يقابل بالعوض ، فيكون أخذ الاجرة عليه أكلاً للمال بالباطل.
وقد يستدلّ عليه بأنّ المستفاد من أدلّة الشهادة كون التحمّل والأداء حقّاً للمشهود له على الشاهد ، فالموجود في الخارج من الشاهد حقّ للمشهود له فلا يقابل بعوض ، ضرورة استحالة مقابلة حقّ شخص بشيء من ماله ، فيرجع أخذ المال في مقابله إلى أكل المال بالباطل.
فروع :
الأوّل : لو توقّف الحمل أو الأداء على قطع مسافة بعيدة وجب مقدّمة فيحرم أخذ الاجرة عليه أيضاً ، لما تقدّم من أنّ الواجب إذا حرم أخذ الاجرة عليه حرم أخذها على مقدّماته أيضاً ، نعم لو افتقر إلى بذل مال كالافتقار إلى زاد أو راحلة لم يجب بذله على الشاهد من ماله ، لأنّ المستفاد من أدلّتهما وجوب أصل التحمّل أو الأداء لا وجوب بذل المال للتحمّل أو الأداء ، فيكون كلّ منهما بالإضافة إلى بذل المال أعني الزاد والراحلة واجباً مشروطاً وإن كان بالإضافة إلى أصل قطع المسافة من الواجب المطلق ، فإذا بذلهما الداعي أو صاحب الواقعة وجب القطع.
الثاني : لو أمكن إحضار الواقعة عنده لتحمّل الشهادة ، قيل : إنّ له أن يمتنع من الحضور ويطلب الإحضار ، وقضيّة ذلك أن يجوز له أخذ الاجرة على حضوره. وفيه نظر ، لأنّ تحمّل الشهادة في نحو هذه الصورة إذا كان واجباً مطلقاً فمقدّمته أيضاً واجب مطلقاً ، غاية الأمر أنّ حصول إحضار الواقعة من صاحب الواقعة مسقط عن المقدّمة الواجبة عليه ، وإمكانه لا ينافي إطلاق وجوبها نظير غسل الثوب على المكلّف بالصلاة مقدّمة لها مع إمكان سقوطها بفعل الغير. وبالجملة حضور الشاهد عند الواقعة لتحمّل الشهادة مقدّمة للواجب المطلق فيكون واجباً ، فكيف يقال : بجواز الامتناع منه؟ وإذا لم يجز الامتناع منه فكيف يقال بجواز أخذ الاجرة عليه؟!.
نعم إنّما يتّجه ما ذكر لو كان التحمّل في نحو هذه الصورة واجباً مشروطاً بإحضار الواقعة ، فله حينئذٍ أن يمتنع من الحضور لعدم وجوبه ويطلب الإحضار ولكنّه خلاف