وقوله عليهالسلام في رواية حمران الواردة في فساد الدنيا واضمحلال الدين «ورأيت الأذان بالاجرة والصلاة بالأجر» (١).
وأسانيد هذه الروايات ما عدا خبر محمّد ضعيفة جدّاً ، ودلالتها على التحريم قاصرة قطعاً ، ولعلّه لذا صار الجماعة إلى الكراهة تسامحاً في أدلّتها ، والمرتضى لا يعتبر أخبار الآحاد.
وربّما يؤيّدها الاعتبار من حيث إنّ أخذ الاجرة على الأذان يوجب خروج الأذان الموجود في الخارج عن الاستحباب لا صيرورتها بسبب انتفاء القربة والإخلاص محرّماً ، فلا يفسد الإجارة مع فرض اشتماله على المنفعة العائدة إلى غير المؤذّن.
ولكن يدفعه : أنّ المنفعة المفروضة في هذا الأذان إن كان اجتزاء الغير به لصلاته ، ففيه منع انفكاك هذه المنفعة عن الإخلاص والقربة ، فإنّ الأذان الّذي يقوله المكلّف لصلاته فرادى أو جماعة عبادة صرفة فيفسد بانتفاء الإخلاص والقربة ، ولذا لا يجتزأ به هو لنفسه فكيف بغيره.
وإن كان الإعلام بدخول الوقت ، ففيه : أنّه لا يتمّ مطّرداً إلّا في الأذان الإعلامي لقوّة احتمال كونه من القسم الثاني أعني المستحبّ التوصّلي ، فغاية ما يترتّب على انتفاء الإخلاص والقربة عدم ترتّب الثواب لا عدم حصول فائدة الإعلام ، ومحلّ البحث هو أذان الصلاة في الجماعة ، إلّا أن يدفع ذلك ويقال : إنّ محلّ بحث الأصحاب هو الأذان الإعلامي كما جزم به صاحب الحدائق (٢) وهو ظاهر كلام شيخنا (٣) قدسسره أيضاً ، غير أنّه خلاف الإنصاف لظهور كلمات الأصحاب خصوصاً كلام المعتبر (٤) والذكرى (٥) وغيرهما في أذان الصلاة في الجماعة ، وممّا يشهد بذلك ما في المدارك وغيره من ذكر الاجرة على الإقامة أيضاً هنا ناقلاً عن العلّامة في نهاية الإحكام منع الاستيجار عليها قائلاً : «والظاهر أنّ الإقامة كالأذان وحكم العلّامة في النهاية بعدم جواز الاستيجار عليها وإن قلنا بجواز الاستيجار على الأذان فارقاً بينهما بأنّ الإقامة لا كلفة فيها
__________________
(١) الوسائل ١٦ : ٢٧٥ / ٦ ، ب ٤١ الأمر والنهى ، الكافي ٨ : ٣٦ / ٧.
(٢) الحدائق ٧ : ٣٥١.
(٣) الجواهر ٩ : ٧٣.
(٤) المعتبر ٢ : ١٣٣.
(٥) الذكرى ٣ : ٢٢٣.