ما لم يرتفع موضوع الاحتياط ، والأولويّة المدّعاة لا تصلح رافعة له ، ومرجعه إلى أنّها لا تنهض لتخصيص العقل المستقلّ بحسن الاحتياط ولا عمومات رجحانه فتأمّل.
واعترض الفاضل النراقي على الاستدلال بالرواية «بأن لا دلالة فيها على أنّه صار في يده شيء من المشتبه بالحرام ، لجواز أن يكون من ارتفاع أراضي الخراجيّة الّتي هو مباح وخمسه للإمام ، مع أنّه يكون هذا كسباً وما صار بيده ربحاً ، فإخراج خمسه من حيث هو واجب ولا يدلّ على أنّه تطهّره» (١).
وفيه ما لا يخفى لاختصاص هذا الخمس بفاضل مئونة السنة من أرباح المكاسب المحلّلة ، والرواية غير واضحة في اعتبار الفضل بل ظاهرة في خلافه ، مع أنّ كون مورد الرواية من المكسب المحلّل غير واضح والرواية غير دالّة عليه ، لجواز كون أعمال السلطان في موردها من الأعمال المحرّمة الّتي يحرم أخذ الاجرة عليها. والأولى في منع دلالة الرواية أن يقال بإمكان كون ما صار إليه من السلطان من المال المختلط وقد علم به الإمام عليهالسلام فأمره بإخراج خمسه فيخرج عنه ما نحن فيه ، وربّما يومئ إليه تعليقه الرخصة على الاضطرار الّذي هو المناط في تناول الأموال المحرّمة ، إلّا أن يعارض باحتمال كون إناطة الرخصة بالاضطرار باعتبار كون عمل السلطان الّذي أخذ الاجرة عليه من الأعمال المحرّمة فيكون ما صار إليه حراماً محضاً ، ولكن منع دلالة الرواية في محلّه.
وأمّا الصورة الثالثة : فقضيّة قاعدة الشبهة المحصورة على ما حقّقناه في الاصول وجوب الاجتناب عن الجائزة في هذه الصورة ، وعدم جواز أخذها ولا التصرّف فيها ، غير أنّه قد يقابل هذه القاعدة بالأخبار المتقدّمة الدالّة على حلّيّة الجائزة وجواز أخذها بقول مطلق ، فلا بدّ في العلاج إمّا من التزام حكومة الأخبار على القاعدة ، أو الالتزام بحكومة القاعدة عليها.
ولكنّ الّذي يساعد عليه التحقيق والنظر الدقيق أنّ حكومة الأخبار على القاعدة ممّا لا سبيل إليه ، لأنّ مبنى القاعدة على كفاية العلم الإجمالي في تنجّز التكليف بالواقع
__________________
(١) المستند ١٤ : ٢٠١.