وأمّا ارتفاعها بإخراج الخمس فقد يعلّل بأنّ إخراج الخمس مطهّر للمال المختلط بالحرام في صورة العلم به فلأن يكون مطهّراً للمختلط به ظنّاً أو احتمالاً طريق الأولويّة.
واستدلّ أيضاً بالموثّق عن أبي عبد الله عليهالسلام «سئل عن أعمال السلطان يخرج فيه الرجل؟ قال : لا إلّا أن لا يقدر على شيء يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة ، فإن فعل فصار في يده شيء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت» (١) فإنّ موردها وإن كان ما يقع في يده بإزاء العمل إلّا أنّ الظاهر عدم الفرق بينه وبين ما يقع في اليد على وجه الجائزة.
ومن مشايخنا من ناقش في الوجه الأوّل بقوله : «ويمكن الخدشة في أصل الاستدلال ، بأنّ الخمس إنّما يطهّر المختلط بالحرام حيث إنّ بعضه حرام وبعضه حلال ، فكأنّ الشارع جعل الخمس بدل ما فيه من الحرام ، فمعنى تطهيره تخليصه بإخراج الخمس ممّا فيه من الحرام ، فكان المقدار الحلال طاهراً في نفسه إلّا أنّه قد تلوّث بسبب الاختلاط مع الحرام بحكم الحرام وهو وجوب الاجتناب ، فإخراج الخمس مطهّر له عن هذه القذارة العَرَضيّة ، وأمّا المال المحتمل لكونه بنفسه حراماً وقذراً ذاتيّاً فلا معنى لتطهّره بإخراج خمسه» (٢) انتهى.
أقول : بل لا معنى له على تقدير كونه حلالاً لعدم القذارة فيه لا ذاتاً ولا عرضاً ، ومرجع ما ذكره منع الأوّليّة بمنع تحقّق العلّة الموجودة في الأصل في الفرع ، فيكون التعدّي إليه قياساً ومع الفارق مع انتفاء الاختلاط ، والاحتمال ليس من الاختلاط في شيء ولذا لم يؤثّر في وجوب الاجتناب الّذي هو في المختلط قذارة ذاتيّة في البعض الحرام منه وقذارة عرضيّة في البعض الحلال منه.
ويمكن الذبّ بأنّ معنى كونه مطهّراً في المختلط كونه رافعاً للحرمة ووجوب الاجتناب ، فكونه في المحتمل رافعاً للكراهة واستحباب الاجتناب طريق الأولويّة ، لأنّ الكراهة والاستحباب أهون من الحرمة والوجوب. وفيه : أنّ الكراهة واستحباب الاجتناب فيه إنّما ثبت لحسن الاحتياط وعمومات رجحانه ، وهما لا يرتفعان
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢٠٢ / ٣ ، ب ٤٨ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٣٠ / ٩١٥.
(٢) المكاسب ١ : ١٧١ ـ ١٧٢.