فالكراهة ممّا لا إشكال فيه إنّما الإشكال فيما ، ذكروه أيضاً من ارتفاع الكراهة بإخبار المجيز بحلّيّة جائزته كأن يقول هذه من تجارتي أو من زراعتي أو نحو ذلك ، وبإخراج الخمس منه ، وفي الرياض (١) نفي الخلاف عنه في الأوّل بل فيهما معاً ، ونسب نفي الخلاف إلى ظاهر الحدائق (٢) وعن المناهل (٣) الخدشة في الأوّل بأنّه لم يجد له مستنداً. ولذا قد يستشكل فيه تعليلاً «بعدم خروجه عن الشبهة إذا احتمل كذبه ، ووجوب حمل قول المسلم على الصدق ، إن كفى في رفع الشبهة لكفى حمل فعله على الصحّة في رفعها بمجرّد الإعطاء أيضاً ، فلا يكون مكروهاً مطلقاً» (٤).
وقد يقرّر ذلك أيضاً بأنّه لا فرق بين يد الظالم وتصرّفه ، وبين خبره في كون كلّ منهما مفيداً للملكيّة الظاهريّة غير منافٍ للحرمة الواقعيّة المقتضية للاحتياط ، فلا وجه لوجود الكراهة الناشئة عن حسن الاحتياط مع اليد وارتفاعها مع الإخبار.
وقد يوجّه المستند لدفع الإشكال بإمكان كونه ما دلّ على قبول قول ذي اليد فيعمل بقوله ، كما لو قامت البيّنة على تملّكه ، وشبهة الحرمة وإن لم ترتفع بذلك إلّا أنّ الموجب للكراهة ليس مجرّد الاحتمال وإلّا لعمّت الكراهة أخذ المال من كلّ أحد ، بل الموجب له كون الظالم مظنّة الظلم والغصب وغير متورّع عن المحارم ، نظير كراهة سؤر من لا يتوقّى النجاسة ، وهذا المعنى ترتفع بإخباره إلّا إذا كان خبره كيده مظنّة للكذب لكونه ظالماً غاصباً ، فيكون خبره كيده وتصرّفه غير مفيد إلّا الإباحة الظاهريّة الغير المنافية للكراهة ، فيختصّ الحكم برفع الكراهة بما إذا كان مأموناً في خبره ، وقد صرّح الأردبيلي (٥) بهذا القيد في إخبار وكيله.
أقول : إن كان إجماعاً وإلّا فهذه التجشّمات لا تنهض لإخراج الاحتياط عن الحسن ولا لتخصيص العمومات ، مع أنّ الكراهة في كلام القائلين بها ليست مقيّدة بمظنّة الحرمة في الجائزة ، مع أنّ الأظهر في دليل قبول قول ذي اليد كونه معتبراً على وجه التعبّد لا من باب المرآتيّة.
__________________
(١) الرياض ٨ : ٢٠٦.
(٢) الحدائق ١٨ : ٢٦٥.
(٣) المناهل : ٣٠٣.
(٤) المستند ١٤ : ٢٠٠.
(٥) مجمع البرهان ٨ : ٨٦.