حكم مجهول المالك.
النوع الرابع : ما علم الحرام تفصيلاً سواء كان بجملته حراماً أو كان بعضه حراماً وهو معلوم بعينه ، ولا إشكال في حرمة أخذه وحرمة التصرّف فيه على كلّ حال ، ويجب ردّه إلى مالكه إجماعاً ونصّاً خصوصاً وعموماً ، كقوله عليهالسلام : «على اليد ما أخذت» فلو أكله أو أتلفه ضمن بدله مثلاً أو قيمة ولا يجوز إعادته إلى الظالم اختياراً فلو أعاده كذلك ضمن ، ولو أخذ منه قهراً سقط الحرمة ، وهل يضمن؟ خلاف ، فقيل بالضمان مطلقاً لعموم «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» (١) نقله جماعة منهم الشهيد الثاني في المسالك ثمّ اختار قولاً بالتفصيل بقوله : «والأقوى التفصيل ، وهو أنّه إن كان قد قبضها من الظالم عالماً بكونها مغصوبة ضمن واستمرّ الضمان وإن أخذت منه قهراً ، وإن لم يعلم حالها حتّى قبضها ثمّ تبيّن كونها مغصوبة ولم يقصّر في إيصالها إلى مالكها ولا في حفظها لم يضمن ، والفرق بين الحالتين واضح ، فإنّ يده في الأوّل عادية فيستصحب حكم الضمان كما لو تلفت بغير تفريط ، وفي الثاني يد أمانة فيستصحب كما لو تلفت بغير تفريط والفرض كون الأخذ قهريّاً» (٢) انتهى.
وفي إطلاق الأمانة على الثاني منع واضح ، وعموم «على اليد ما أخذت» محكّم ، والاستصحاب فرع على وجود الحالة السابقة ، هذا مع ما اورد عليه بأنّ المعروف من المسالك وغيره في مسألة ترتّب الأيدي على مال الغير ضمان كلّ منهم ولو مع الجهل ، غاية الأمر رجوع الجاهل على العالم إذا لم يقدم على أخذه مضموناً ، ولا إشكال عندهم ظاهراً في أنّه لو استمرّ جهل القابض المتّهب إلى أن تلف في يده كان للمالك الرجوع عليه ، ولا رافع لهذا المعنى مع حصول العلم بكونه مال الغير فيستصحب الضمان لا عدمه. وذكر في المسالك «فيمن استودعه الغاصب مالاً مغصوباً أنّه لا يردّه إليه مع الإمكان ولو أخذه منه قهراً ففي الضمان نظر والّذي يقتضيه قواعد الغصب أنّ للمالك الرجوع على أيّهما شاء وإن كان قرار الضمان على الغاصب» (٣) انتهى.
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٤ / ١٠٦ ، سنن البيهقي ٦ : ٩٥.
(٢) المسالك ٣ : ١٤٢.
(٣) المسالك ٥ : ٩٩ ـ ١٠٠.