المقام الأوّل : فيما لو اشتبه المالك بين جماعة محصورين ، وقد حكم فيه في المسالك بأنّه يتعيّن عليه التخلّص من مال الغير ولو بالصلح معهم ، ونحوه ما في كلام شيخنا قدسسره وكان إطلاقه منزّل على ما لم يدعه واحد منهم ، وحينئذٍ يجب التخلّص بإباحة أو هبة أو صلح حطيط أو صلح عوض أو توزيع بينهم برضا كلّ واحد ، مع إسقاط كلّ حقّه الاحتمالي عن الباقين أو نحو ذلك.
وأمّا لو ادّعاه بعضهم مع عدم معارض له ففي سماع قوله مطلقاً ، أو هو مع الوصف المورّث لظنّ الصدق ، أو مع البيّنة؟ وجوه : من إلحاقه بمال وجد بين جماعة فادّعاه واحد منهم ، حيث حكموا من غير خلاف بأنّه يقضى له عملاً بصحيح منصور بن حازم الوارد في «كيس يكون بين عشرة كانوا جلوساً فسألوا ألكم الكيس؟ فقالوا : كلّهم : لا ، وقال واحد منهم : هو لي ، [فلمن هو؟] فقال عليهالسلام : هو للّذي ادّعاه» (١).
ومن إلحاقه بلقطة وصفها المدّعي بصفات خفيّة لا يطّلع عليها إلّا المالك ، بحيث أوجب ظنّ صدقه الّتي صار المشهور فيها إلى جواز دفعها إلى المدّعي ، على معنى أنّه لو تبرّع بالتسليم اعتماداً على الوصف لم يمنع ، ولو امتنع لم تجبر.
ومن عموم «البيّنة على المدّعي» وحجّيتها عموماً وكونها علماً شرعيّاً.
غير أنّ أرجح الوجوه أخيرها بل هو المتعيّن ، لبطلان الأوّلين بكون كلّ منهما قياساً ، فإنّ ما نحن فيه ليس من اللقطة موضوعاً ، لدخول الضياع في مفهومها فيحرم التعدّي إلى غيرها ، والصحيح المذكور في كيس يكون بين عشرة ، غاية ما في الباب أنّ الأصحاب تعدّوا منه إلى مطلق مال وجد بين جماعة لا يد لأحد عليه ، لا إلى غيره من مجهول المالك الّذي حصل في يد إنسان وإن لم تكن يد مالكيّة.
ومن ذلك ظهر أنّ القياس هنا مع الفارق ، لأنّ المفروض حصول الجائزة في يد المجاز ، ووجه الفرق أنّه لا معارض لدعوى المدّعي في الأصل أصلاً ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ من حصل بيده مخاطب بإيصاله إلى مالكه ، والشغل اليقيني يستدعي يقين البراءة ، ويقوم مقامه العلم الشرعي والبيّنة علم شرعي. وكون قول المدّعي بمجرّده
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٧٣ / ١ ب ١٧ من أبواب كيفيّة الحكم ، الكافي ٧ : ٤٢٢ / ٥.