خبر عليّ بن أبي حمزة قال : «كان لي صديق من كتّاب بني اميّة ، فقال : استأذن لي على أبي عبد الله عليهالسلام فاستأذنت له عليه ، فأذن له ، فلمّا أن دخل سلّم وجلس ثمّ قال : جعلت فداك إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالاً كثيراً ، وأغمضت في مطالبه ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : لو لا أنّ بني اميّة وجدوا لهم من يكتب ويجيء لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا ، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئاً إلّا ما وقع في أيديهم ، قال : فقال الفتى : جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال : إن قلت لك تفعل؟ قال : أفعل ، قال له : فأخرج ممّا كسبت في ديوانهم من عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدّقت به ، وأنا أضمن لك على الله عزوجل الجنّة ، فأطرق الفتى طويلاً ثمّ قال له : لقد فعلت جعلت فداك. قال ابن أبي حمزة : فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئاً على وجه الأرض إلّا خرج منه حتّى ثيابه الّتي كانت على بدنه. قال : فقسّمت له قسمة واشترينا له ثياباً وبعثنا إليه بنفقة ، قال : فما أتى عليه إلّا أشهر قلائل حتّى مرض فكنّا نعوده ، قال : فدخلت يوماً وهو في السوق ، قال : ففتح عينيه ، ثمّ قال لي : يا عليّ وفى لي والله صاحبك ، قال : ثمّ مات فتولّينا أمره فخرجت حتّى دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فلمّا نظر إليّ قال لي : يا عليّ وفينا والله لصاحبك ، قال : فقلت : صدقت جعلت فداك ، والله هكذا قال والله لي عند موته» (١).
إلّا أنّ غاية ذلك كغيره الإطلاق فيحمل هذه الأخبار المطلقة على الروايات الأوّلة المقيّدة ، باعتبار كونها آمرة بالفحص والطلب ، ولذا قيّد في المسالك (٢) عبارة الشرائع باليأس عن المالك ، وإطلاقه يتناول اليأس الابتدائي والحاصل بعد الفحص ، وظاهره يقتضي أنّ حدّ الفحص هو اليأس كما هو المصرّح به في كلام جماعة (٣) ، بل قيل هو الأصل في مجهول المالك الموافق للقاعدة ، لأنّ المال محترم وقضيّة الاحترام أن لا يتصرّف فيه إلّا بالإيصال إلى مالكه ، فإذا جهل المالك واحتمل الوصول إليه وجب الفحص إلى اليأس ، فعليه يحمل إطلاق الأخبار المطلقة ، وفي بعضها أيضاً ما يشير إليه
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٩٩ / ١ ، ب ٤٧ ما يكتسب به ، التهذيب ٢ : ١٠٠.
(٢) المسالك ٣ / ١٤١.
(٣) كما في جامع المقاصد ٤ : ٤٤.