الإمام عليهالسلام علم في موردها أنّ اليأس لا يحصل إلّا بالسنة لئلّا يخالف القاعدة في مجهول المالك.
ثمّ إنّه لو احتاج الفحص إلى بذل مال كأُجرة دلّال يصيح عليها هل يجب عليه بذلها من ماله؟ إشكال : من أصالة البراءة ، ومن توقّف الواجب عليه. ولذا عن جماعة في اللقطة أنّ اجرة التعريف على الواجد ، وعن التذكرة (١) أنّه إن قصد الحفظ دائماً يرجع أمره إلى الحاكم ليبذل اجرته من بيت المال ، أو يستقرض على المالك ، أو يبيع بعضها إن رآه أصلح. وعن جامع المقاصد (٢) أنّه استوجهه ولا يبعد القول به هنا أيضاً.
الجهة الثانية : في أنّ هذا المال بعد اليأس عن مالكه هل يصير مال الإمام عليهالسلام فيجب دفعه إليه لأنّه مالكه ، أو أنّه باقٍ على ملك مالكه المجهول ولكن ولايته إلى الحاكم لأنّه وليّ الغائب فيجب تسليمه إليه ليصنع فيه ما يراه ، أو يجب إبقائه أمانة في يده والوصيّة به عند موته ، أو أنّه يتصدّق به؟ وجوه ، أوجهها الأخير.
إلّا أنّه قد يتخيّل الأوّل استظهاراً له من خبر داود بن أبي يزيد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رجل : إنّي قد أصبت مالاً ، وإنّي قد خفت فيه على نفسي ولو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلّصت منه قال : فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : والله إن لو أصبته كنت تدفعه إليه؟ قال : اي والله ، قال : فأنا والله ما له صاحب غيري ، قال : فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره ، قال : فحلف ، فقال : فاذهب فاقسمه في إخوانك فلك الأمن ممّا خفت منه ، قال : فقسّمته بين إخواني» (٣).
وفيه منع الظهور ، لجواز كونه ممّا لا مالك له لموت مالكه ولا وارث له وقد علم به الإمام ، ولا ريب أنّ نحوه من الأنفال للإمام عليهالسلام ولذا قال عليهالسلام : «ما له صاحب غيري» وعلى هذا يمكن دعوى ظهوره في غير ما نحن فيه.
وقد يحتمل الثاني لما سمعت من أنّه وليّ الغائب ، فالدفع إليه أقرب طرق الإيصال ، لأنّ الإيصال إليه إيصال إلى المالك.
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٢٥٨.
(٢) جامع المقاصد ٦ : ١٦٢.
(٣) الوسائل ٢٥ : ٤٥ / ١ ، ب ٧ أبواب اللقطة ، الفقيه ٣ : ١٨٩ / ١٧.