ويتأكّد أصالة البراءة في صورة الأخذ حسبة باستصحاب عدم الضمان إلى ما بعد التصدّق المشكوك كونه موجباً للضمان.
وربّما استوجه الضمان مطلقاً استناداً إلى عدم القول بالفصل ، أو لاستفادته من خبر وديعة اللصّ بدعوى أنّه يستفاد منه أنّ الصدقة بهذا الوجه حكم. وهو مشكل ، لعدم ثبوت الإجماع على عدم الفصل ، ولو سلّم فهو يفيد الملازمة بين شطري الإجماع المركّب في الحكم الواقعي لا الحكم الظاهري ، مع تطرّق المنع إلى استفادة الحكم المذكور من خبر الوديعة بعد البناء فيه على الاقتصار على المورد هذا. ولكنّ الأحوط هو الضمان مطلقاً.
وفي كون الضمان حينئذٍ ثابتاً بمجرّد التصدّق إن كان مدركه دليل الإتلاف غاية الأمر كون الإجازة على تقدير لحوقها رافعة ، أو يثبت بالردّ من حينه أو من حين التصدّق على معنى كونه كاشفاً لأصالة البراءة قبل الردّ ولرواية الوديعة الظاهرة في كون كلّ من الغرم والأجر من حين التصدّق متزلزلاً؟ إشكال ، وإن كان استصحاب الضمان السابق في صورة يد الضمان يقتضي الوجه الأوّل ، بل يقتضيه ممّا قبل التصدّق.
ولو مات المالك ففي قيام وارثه مقامه في الإجازة والردّ وعدمه وجهان ، أقواهما الأوّل لأنّ ذلك من قبيل الحقوق المتعلّقة بالأموال فيورث كغيره من الحقوق ، ووجه العدم لزوم التصدّق بالنسبة إلى العين فليس لأحد فيها حقّ والمتيقّن من جواز الرجوع إلى القيمة هو المالك.
ولو مات المتصدّق فردّ المالك ، فقيل : الظاهر خروج الغرامة من تركته ، لأنّه من الحقوق الماليّة اللازمة عليه بسبب فعله.
فأمّا لو دفعه إلى الحاكم فتصدّق به الحاكم ، فالظاهر عدم الضمان عليه ولا على الحاكم ، لبراءة ذمّة الأوّل بالدفع إلى وليّ الغائب وتصرّف الوليّ كتصرّف المولّى عليه ، نعم لو كان الدفع إلى الحاكم من حيث ولايته على المستحقّ وكونه أعرف بمواقع الصرف ففي ضمان الدافع احتمال غير بعيد ، لأنّ الحاكم حينئذٍ كالوكيل ، والغرامة تلزم على الموكّل ، إذ المال إذا وقع في يد الدافع كان هو المكلّف بالفحص ثمّ بالتصدّق ثمّ بالغرامة فتأمّل.