وتوهّم الدلالة عليه من صحيحة الحلبي المتقدّمة في أخبار القبالة ولذا ذكر غير واحد أنّها كالصريحة في أنّ حكم تصرّف الجائر في هذه الأراضي حكم تصرّف الإمام العادل ، يدفعه بعد تسليم الدلالة أنّ أقصاها أنّه في حكمه في إفادة الجواز بالقياس إلى المتقبّل لا في جواز التقبيل بالقياس إلى السلطان.
وأمّا ما تقدّم في كلام صاحب الكفاية من استظهار جواز تصرّف العامل بالبيع من صحيح الحذّاء بقوله : «ثمّ يظهر من الحديث أنّ تصرّف العامل بالبيع جائز ...» (١) إلى آخر ما ذكره.
ففيه : منع صدق الإعانة على الإثم مع انتفاء قصدها إذا كان مقصود المشتري التوصّل إلى غرض نفسه في اشتراء الحنطة والشعير وغيرهما ، لا لأن يتوصّل البائع إلى إثم البيع مع أنّ الإعانة على الإثم على ما بيّنّاه في باب بيع العنب والخشب ممّن يعملهما خمراً وصنماً عبارة عن إيجاد مقدّمة معصية الغير ، ومقدّمة معصية الغير عبارة عمّاله أو لبدله تأثير في وجود المعصية بحيث لو لا وجودهما لم توجد المعصية ، ومفروض المقام ليس من هذا القبيل لأنّ كلّ تصرّف الجائر في هذا المال حرام أعمّ من البيع وضدّه الوجودي ، ولا اختصاص للحرمة ببيعه ، بل لو ترك البيع كان ضدّه وضدّ ضدّه حتّى إمساكه أيضاً حراماً ، فالإثم واقع منه على كلا تقديري اشتراء المشتري وتركه فلا مدخليّة لوقوع الاشتراء في وجود الإثم بحيث لولاه لم يقع نوعه المتحقّق تارةً ببيعه من غير هذا المشتري واخرى في ضمن ضدّه الوجودي أو ضدّ ضدّه وهكذا ، هذا مع العلم العادي بوقوع شخص الإثم وهو البيع منه للقطع بأنّه كان بائعاً لهذا المال إمّا من هذا المشتري أو من مشتري ، فلا تأثير لترك هذا المشتري اشتراءه في عدم وقوع هذا الشخص من الإثم منه ، ولعلّه إلى هذا يشير قول أبي عبد الله عليهالسلام في صحيح جميل بن صالح قال : «أرادوا بيع تمر عين أبي زياد وأردت أن أشتريه فقلت : لا حتّى استأمر أبا عبد الله عليهالسلام فسألت معاذاً أن يستأمره ، فقال : قل له : يشتره فإنّه إن لم يشتره اشتراه غيره» (٢).
__________________
(١) الكفاية : ٧٩.
(٢) الوسائل ١٧ : ٢٢٠ / ١ ، ب ٥٣ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٧٥ / ١٠٩٢.