الخراج والمقاسمة والتصرّف في الأراضي الخراجيّة ، بل لو اعتقد في نفسه الغاصبيّة وعدم الاستحقاق كفى إذنه وأخذه في حلّ ما يؤخذ منه مجّاناً أو معاوضة ، عملاً بإطلاق النصّ والفتوى. فما يتراءى في بعض العبارات كعبارة المسالك (١) وتبعه شيخنا (٢) قدسسره من إناطة الحكم باعتقاده الاستحقاق وكونه مستحلّاً ، فلم نقف له على وجه يعتمد عليه ، خصوصاً وأنّ مورد الأخبار المتكفّلة لبيان نفوذ إذن الجائر ومضيّ تصرّفه أخذاً وإعطاءً المسئول عنه للأئمّة عليهمالسلام إنّما هو سلاطين الاموييّن والعبّاسييّن ، وهم وإن كانوا في الظاهر يدّعون الخلافة وإمرة المسلمين. ويسمّون أنفسهم بأمير المؤمنين غير أنّ كلّهم أو جلّهم كانوا مذعنين في الباطن ببطلان دعواهم وعدم استحقاقهم وغاصبيّتهم ، وكون منصب الخلافة والإمامة لأهل بيت العصمة على ما علم من تتبّع السير والأخبار ، ولقد أجاد الشيخ الحائري في تعميمه عند تفسيره الجائر لكونه مستحلّاً وعدمه على ما حكي كما تسمع.
الخامس : الإسلام ، والظاهر اعتباره في نفوذ إذنه وتصرّفاته أخذاً وإعطاءً ، فلو اتّفق أرض خراجيّة تحت يد سلطان كافر من سلاطين الكفر كالروس والافرنج يعتبر في حلّ ما يؤخذ منه من الخراج والمقاسمة ويتقبّل من عين الأرض استئذان الحاكم الشرعي.
وتوهّم العموم من قوله عليهالسلام : «إنّما هؤلاء قوم غصبوكم أموالكم» يدفعه أنّه عامّ في مورده ، وهو براءة ذمّة من عليه الحقّ لو أعطاه الجائر مجبوراً ومقهوراً عليه لا اختياراً ، وعدم براءته لو أعطاه اختياراً ، وكلامنا في مورد الإذن الحاصل من الأئمّة عليهمالسلام وإمضاء الشارع لإذن الجائر ونفوذها في حلّ ما يؤخذ وينقل منه ، ولو فرض في بعض نصوص ذلك إطلاق فهو منصرف قطعاً إلى ما هو الغالب في مواردها من كون السلطان من المسلمين لا غير.
السادس : المخالفة أعني كونه من المخالفين قبالاً للسلطان المؤمن الإمامي ، ففي اعتباره والعدم على معنى اختصاص نفوذ إذن الجائر وسقوط اعتبار إذن الحاكم الشرعي بالمخالف للحقّ ، أو عمومه للموافق أيضاً كسلطان الشيعة ، خلاف على قولين :
__________________
(١) المسالك ٣ : ٥٦.
(٢) المكاسب ١ : ٢٢٥.