وغيره ، من غير فرق بين اقتضاء ذلك سقوطها كبيع العين بحقّ الخيار أو الشفعة على معنى سقوطهما ، وبين اقتضائه نقلها كحقّ التحجير ونحوه» (١).
بل جزم به بعض معاصريه من مشايخنا أيضاً فقال ـ عند قراءتنا عليه ـ : «إنّ العوض في البيع بعد ثبوت اعتبار كونه دنيويّاً لا فرق فيه بين أن يكون عيناً أو منفعة أو حقّاً ، ولا في الحقّ بين كونه نقليّاً كقوله بعتك هذا بحقّ تحجيرك فينتقل حقّ التحجير إلى البائع ، أو إسقاطيّاً كقولك بعت هذا بحقّ شفعتك في هذه الدار فيسقط الشفعة لصدق البيع مع الجميع وإن فسّرناه بمبادلة مال بمال لصدق المال على المنفعة والحقّ أيضاً ، فإنّه عبارة عمّا يبذل في مقابله المال ، والمنفعة والحقّ أيضاً يبذل في مقابلهما المال».
ومن مشايخنا أيضاً من فصّل بين ما لا يقبل النقل إلى الغير كحقّ الرجوع في الطلاق وحقّي الخيار والشفعة فلا إشكال في عدم الصحّة لأنّ البيع تمليك والإسقاط ليس تمليكاً ، وما يقبله «كحقّ التحجير ونحوه ففي جواز وقوعه عوضاً للبيع إشكال من أخذ المال في عوضي المبايعة لغة وعرفاً مع ظهور كلمات الفقهاء ـ عند التعرّض لشروط العوضين ولما يصحّ أن يكون اجرة في الإجارة ـ في حصر الثمن في المال» (٢).
أقول : هذا ينتقض بالمنفعة الّتي نفى الإشكال عن جواز وقوعها ثمناً ، ولو بنى ذلك على تفسير الثمن بالعوض أو مطلق المقابل أو ما يستحقّ به المال أو ما يبذل بإزائه المال لجرى الجميع في الحقّ المقابل للنقل.
ونقض الأوّل أيضاً ببيع الدين على من هو عليه بعين معلومة ، لاقتضائه الإسقاط ولو باعتبار أنّ الإنسان لا يملك على نفسه ما يملكه غيره عليه ، وهذا بعينه يجري في حقّ الخيار والشفعة. ودفع بأنّه لا مانع من كون بيع الدين على من هو عليه تمليكاً فيسقط ، ولذا جعل الشهيد في قواعده (٣) «الإبراء» مردّداً بين الإسقاط والتمليك. وحاصل الدفع : أنّه ممّا يعقل أن يكون الإنسان مالكاً لما في ذمّته فيؤثّر تمليكه السقوط ، ولا يعقل أن يتسلّط على نفسه ، والسرّ في الفرق أنّ الحقّ سلطنة فعليّة لا يعقل قيام طرفيها لشخص واحد ، بخلاف الملك فإنّه نسبة بين المالك والمملوك ولا يحتاج
__________________
(١) الجواهر ٢٢ : ٢٠٩.
(٢) المكاسب ٣ : ٩.
(٣) القواعد والفوائد ١ : ٢٩١.