وأمّا ما قد يورد عليه من أنّه غير مطّرد لانتقاضه ببيع السلف كأن يقول أسلفتك المبلغ الفلاني في الحنطة الموصوفة مؤجّلة إلى شهر تؤدّيها عند رأس الأجل ، فيدفعه بابتناء ما ذكر على الغالب فلا إشكال بل لا خلاف أيضاً في جواز كونه عيناً بل هو الغالب وقوعه في الخارج.
وأمّا المنافع فجواز وقوعها ثمناً في البيع هو المصرّح به في التذكرة (١) والقواعد (٢) وجامع المقاصد (٣) وعليه جماعة من مشايخنا (٤) قدّس الله أرواحهم ، وقبلهم الشيخ في شرحه للقواعد (٥) وفي كلام بعض مشايخنا «أنّه لا يبعد عدم الخلاف فيه» ويظهر ذلك أيضاً من كلّ من عبّر من الفقهاء عن الثمن بالعوض خصوصاً في أكثر حدود البيع لتناول العوض بعموم مفهومه المنافع أيضاً ، وهو ظاهر من فسّره بمطلق المقابل أيضاً كما عن المصابيح (٦). وهو الأقوى عملاً بصدق اسم البيع مع عوضيّة المنفعة وإطلاق الأدلّة والفتاوي.
خلافاً لما عن بعض المتأخّرين من اعتبار العينيّة في العوضين معاً وهو ظاهر المستند (٧) أيضاً حيث جعل من شرائط العوضين «كونهما عينين» ولعلّ مستنده ما سمعت عن المصباح المنير مع ما في كلام الأصحاب من أنّ البيع لنقل الأعيان ، والأوّل ممّا لا يمكن الوثوق عليه لتفرّده وإعراض الأكثر من أهل اللغة عنه ، والثاني منزّل على المبيع كما يكشف عنه وقوع العين اجرة في الإجارة بل هو الغالب فيها ، مع أنّهم قالوا فيها أنّها لنقل المنافع ، وهذا أقوى شاهد بكون نظرهم في المقامين إلى المعوّض لا ما يعمّه والعوض.
وأمّا الحقوق ففي وقوعها ثمناً خلاف ، فعن شرح (٨) القواعد اعتبار عدم كونه ثمناً ، ومن مشايخنا من منع اعتبار ذلك تعليلاً «بإطلاق الأدلّة والفتاوى المقتضي لكون البيع كالصلح الّذي لا إشكال في وقوعه على الحقوق ، فلا يبعد صحّة وقوعها ثمناً في البيع
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ٣٥.
(٢) القواعد ٢ : ٢٢ و ٢٨٤.
(٣) جامع المقاصد ٧ : ١٠٣.
(٤) الجواهر ٢٢ : ٢٠٩ ، المكاسب ٣ : ٨.
(٥) شرح القواعد ٢ : ١١.
(٦) المصابيح : ٣٥.
(٧) المستند ١٤ : ٣٠٦.
(٨) شرح القواعد ٢ : ١١.