الاستعمال أعمّ من الحقيقة والمقام من قبيل الأخير ، وهو كالتبادر من خواصّ الحقيقة ولوازم الوضع ، كما أنّ ما قبله من خواصّ المجاز وعلائمه.
وما ذكرناه في دفع المناقشة أسدّ وأتمّ ممّا قيل : من أنّ أعمّيّة الاستعمال إنّما هو مع تعدّد المستعمل فيه وهو هنا غير ثابت واستعماله فيما كان مع الصيغة بدون التقابض لا يثبته لجواز كون المستعمل فيه هو القدر المشترك ، إذ لا فرق في عدم دلالة الاستعمال من حيث هو على شيء من الحقيقة والمجاز بين صورتي اتّحاد المستعمل فيه وتعدّده كما حقّقناه في الاصول. ثمّ إنّ الإطلاق المذكور بعد ما ثبت كونه على وجه الحقيقة فلا ينافي كون اللازم من المختار كون البيع مقولاً بالتواطؤ على المعاطاة وعلى البيع بالصيغة ، لكونه وضعاً للقدر الجامع بينهما وهو مبادلة عين بعوض بقصد الملك لكونه حينئذٍ من باب إطلاق الكلّي على الفرد.
ومنها : التبادر فإنّ قول القائل : «بعت داري أو ثوبي أو فرسي أو حطبي أو بقلي» وغير ذلك من استعمالات هذا اللفظ عند الإطلاق يتبادر منه في العرف القدر المشترك بينها وبين ما وقع بالصيغة ، أعني المعاملة الصالحة لوقوعها على وجه المعاطاة أو بالصيغة دون خصوص ما يقع منها بالصيغة.
ومنها : عدم صحّة سلب اسم البيع عنها بجميع صورها الآتية ، فإنّ من قال لمن باع سلعته كائنة ما كانت بطريق المعاطاة : ما باع أو ما بعته أو أنّه ليس ببيع ، كان مستهجناً في نظر أهل العرف مستنكراً لديهم.
ومنها : أنّه لو قال قائل : «بعت متاعي ولكن ما أجريت الصيغة» لم يتناقض أي لا يفهم التناقض بين قوليه ، وصحّة الاستفهام ممّن قال : «بعت متاعي» بعبارة هل بعت بالصيغة أو بغير صيغة؟. وهذه الوجوه كلّها من خواصّ الحقيقة ، وبها يثبت كون البيع حقيقة في المعاطاة وعدم دخول الصيغة المخصوصة في معناه بحسب الوضع العرفي ، ثمّ يتمّ كونه كذلك بحسب اللغة والعرف القديم وعرف زمان الشارع أيضاً بأصالة عدم النقل.
وتوهّم : أنّ خروج الصيغة عن مسمّى البيع بحسب الوضع اللغوي لا ينافي دخوله فيه بحسب الشرعي ، يدفعه : عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة ولا المتشرعيّة في لفظ البيع وغيره من المعاملات كما حقّقناه في الاصول ، ويكشف عنه عدم اصطلاح للمتشرّعة