الثامن على تقدير لزومها بأحد الوجوه المذكورة فهل يصير بيعاً أو معاوضة برأسها يحتاج إلى دليل ، ويحتمل الثاني لإطباقهم على أنّها ليست بيعاً حال وقوعها فكيف يصير بيعاً بعد التلف» (١) انتهى.
وفي مقابله القول بكونها بيعاً ولو مع الفساد أو الصحّة وعدم اللزوم كما عليه المفيد والعلّامة في النهاية والكركي ومن تبعه من أكثر المتأخّرين (٢) إن لم نقل كلّهم ، وقد تقدّم في عبارة الكركي في جامع المقاصد قوله : «المعروف بين الأصحاب أنّ المعاطاة بيع وإن لم تكن كالعقد في اللزوم» (٣) بل ربّما نسب إليه دعوى الاتّفاق عليه.
وهذا هو الأقوى بل الّذي يقتضيه الإنصاف ومجانبة الاعتساف لوجوه :
منها : إطلاق البيع والشراء والابتياع والاشتراء في محاورات أهل العرف العامّ من المتشرّعة وغيرهم قديماً وحديثاً في جميع الأعصار والأمصار على المعاطاة بجميع صورها الّتي سيأتي إليها الإشارة المتداولة بين الناس من أهالي الأسواق وغيرهم من المدنيّين والبدوييّن من المسلمين وغيرهم من ملل الكفر بجميع أصنافهم ، فإنّ كلّ من عامل في سلعته كائنة ما كانت مع أحد بطريق المعاطاة وبادلها بعوض يقصد التمليك والتملّك من غير صيغته يقول في مقام الخبر : بعته ويقال له : باع ، كما يقول صاحبه : ابتعت أو اشتريت ، ويقال له : ابتاع أو اشترى ، إطلاقاً شائعاً لا يشوبه شكّ وريبة ، بل هو من أوضح الواضحات الّتي لا حاجة لها إلى الاستدلال.
والمناقشة فيه بأنّه استعمال وهو أعمّ من الحقيقة ، يدفعها أنّ قاعدة أعمّية الاستعمال وإن كانت في موردها مسلّمة غير أنّ المقام ليست من مجاريها ، فإنّ الاستعمال حسبما يقع ويتحقّق في محاورات العرف على أنواع ، فقد يجهل حاله من حيث إنّه يلاحظ معه علاقة بين المستعمل فيه ومعنى آخر أو لم يلاحظ ، وقد يعلم بأنّه يلاحظ معه العلاقة ، وقد يعلم بأنّه لا يلاحظ معه علاقة أصلاً ، والأوّل ما يقال فيه أنّ
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٥١.
(٢) كما في مجمع الفائدة ٨ : ١٣٩ ، والمفاتيح ٣ : ٤٨ ، والحدائق ١٨ : ٣٥٠.
(٣) جامع القاصد ٤ : ٥٨.