إيجاباً فقط أو إيجاباً وقبولاً ، مردودة على مدّعيها.
وبالجملة فالمعاطاة المبحوث عنها كما يصدق عليها اسم البيع فكذلك يصدق عليها اسم العقد لما قرّرناه في رسالة منفردة في أصالة الصحّة واللزوم في العقود ، وخلاصته : أنّ العقد بحسب العرف واللغة عبارة عن الربط والشدّ ، ويصدق على الربط المعنوي المتحقّق بين شخصين فيما يتعلّق بالأموال أو ما بحكمها ، وهو في محلّ البيع أن يربط البائع سلعته بالمشتري بجعله بالقصد والنيّة ملكاً له ليصير ما عند المشتري من الثمن في عوضه ملكاً له والمشتري بقبوله وهو إنشاء الرضا بما صنعه البائع يمضي ربط البائع وجعله ، ولا ريب أنّه أعمّ ممّا يتحقّق بالألفاظ المخصوصة أو بمطلق الألفاظ أو بالأفعال حيث قارنها القصد والرضا ، فالبائع هو الرابط ، والصيغة المخصوصة في الإيجاب أو مطلق اللفظ أو الفعل الكاشف عن القصد والرضا ما به الربط ، فالعقد بمعنى الربط صادق على المعاطاة المبحوث عنها بجميع صورها المتقدّمة وإن قلنا بأنّ وضع العقد لغة إنّما هو للربط الحسّي كما في ربط أحد طرفي الحبل بطرفه الآخر وربط حبل بحبل آخر ، وربط خرقة بخرقة ونحوها ، وأنّ إطلاقها على الربط المعنوي مبنيّ على الاستعارة إذ المقصود عدم اعتبار اللفظ في صدق العقد بمعنى الربط المعنوي وإن قلنا بكون إطلاقه عليه على وجه الاستعارة.
فالمعاطاة المقصود بها ملك العوضين عقد بمعنى الربط المعنوي حقيقة ، ولا ينوط صدقه وصحّة إطلاقه ولو باعتبار المعنى المجازي المستعار له بكون ما به الربط هو اللفظ المخصوص أو مطلق اللفظ ، نظير الأسد المستعار للرجل الشجاع الصادق باعتبار هذا المعنى على الأبيض والأسود النافي لاحتمال دخول البياض في معناه المستعار له. وبالجملة لفظ العقد باعتبار معنى الشدّ والربط كما يصدق على العقود المنعقدة بالألفاظ المخصوصة أو بمطلق اللفظ ، كذلك يصدق على المعاطاة بجميع صورها سواء فرضناه من المعنى الحقيقي أو معنى مجازيّاً له ، فالمعاطاة المقصود بها التمليك والتملّك ممّا يتحقّق به الربط بين المتعاطيين ويصدق عليه اسم العقد صدقاً حقيقيّاً إن كان صدقه على سائر العقود على وجه الحقيقة أو مجازيّاً إن كان في سائر [العقود] على هذا الوجه.