للعقلاء والمنفعة الغير المقصودة لهم ، وسيأتي زيادة بيان لهذا المقام.
ولا ريب أنّ الخمر بنوعها معدّة لشربها اختياراً طلباً للإسكار ، لا لشربها عند الضرورة لرفع العطش ، ولا للاكتحال بها عند الضرورة ، ولا للطلي بها عند الضرورة للتداوي ، ولا لاتّخاذها للتخليل ، فليس لها في المواضع الأربع منفعة محلّلة بالمعنى المذكور حتّى تكون مسوّغة لبيعها ، ولو سلّم إطلاق المنفعة على مطلق الفائدة المحلّلة فهي منفعة نادرة ، والمسوّغ للبيع هي المنفعة الغالبة مع كونها محلّلة لا غير ، مع أنّه لا عبرة بما أحلّت في مقام الاضطرار بل المعتبر حلّ المنفعة حال الاختيار.
ثمّ إنّه بعد البناء فيما اشتمل على المنفعتين المحرّمة والمحلّلة ، فهل قصد المنفعة المحلّلة عند البيع شرط لجوازه أو أنّ قصد المنفعة المحرّمة مانع؟ ويظهر فائدة الفرق بين الاعتبارين فيما لو بيع لا بقصد إحدى المنفعتين فإنّه على الأوّل حرام لانتفاء شرط الحلّ ، وعلى الثاني حلال لانتفاء المانع ، والأظهر هو الثاني لظهور إطلاق قوله عليهالسلام في صحيحة عمر بن اذينة : «لا بأس ببيعه» تعليلاً بأنّه «باعه حلالاً في الأبان الّذي يحلّ شربه أو أكله».
مضافاً إلى ما ظهر من تقرير الاستدلال بالوجوه الأربعة لاستفادة التفصيل المذكور من أنّ أدلّة المنع من بيع المسكرات أو مطلق المحرّمات لا تدلّ على أزيد من تحريم البيع في المنافع المحرّمة ، ويبقى حلّ البيع في المنافع المحلّلة مستفادة من عمومات صحّة البيع وحلّه ، فإنّ المستفاد منها جواز البيع وصحّته بقول مطلق ، خرج منها ما قصد ببيعه المنفعة المحرّمة ، وبقى غيره ومنه ما لم يقصد ببيعه إحدى المنفعتين.
وبقى الكلام في أنّ المسكرات الجامدة هل هي مشتملة على المنفعة المحلّلة وأنّها أيّ شيء؟ وتحقيق ذلك ليس من وظيفة الفقه ، واستعلامه موكول إلى العرف ونظر أهل الخبرة.