بحيث يرتفع بطروء ما جعله الشارع رافعاً له ، فالشكّ في المقام إنّما هو لطروء ما يشكّ في رافعيّته وهو رجوع المالك الأصلي ، وإلّا فالملك ليس إلّا نوع واحد وهو ملك مستقرّ ثابت كالطهارة المسبّبة من الوضوء مثلاً ، وقد جعل الشارع له روافع كالإقالة والفسخ فيما خياره لأحد المتبايعين بأصل الشرع أو لاشتراطه في ضمن العقد ، كما جعل للطهارة روافع من البول والغائط والريح والنوم فهي بحيث ترتفع بطروء ما جعله الشارع رافعاً لها ، ولا يلزم من ذلك أن يكون لها قسمان ولذا جارٍ استصحابها عند الشكّ في رافعيّة المذي الخارج من المتطهّر ، وكذلك الملك فلا مانع من استصحابه عند الشكّ في ارتفاعه للشكّ في رافعيّة الرجوع ، وإنّما اختصّ ذلك الشكّ بالمعاطاة لأنّ الصيغة في البيع بالصيغة أوجبت سقوط حقّ الرجوع المطلق من المتبايعين واللزوم إنّما هو من جهته.
وأمّا الأصل الاجتهادي العامّ فهو أصالة اللزوم في العقود إلّا ما خرج بالدليل ، والمعاطاة عقد ودليله عموم آية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» على ما حقّقناه في رسالة منفردة. وأمّا الأصل الاجتهادي الخاصّ فهو أصالة اللزوم في البيع إلّا ما خرج بالدليل ، ودليله الأخبار المثبتة للخيارات الّتي منها صحيحة الفضيل قال : «قلت له : ما الشرط في الحيوان؟ قال : ثلاثة أيّام للمشتري ، قلت : وما الشرط في غير الحيوان؟ قال : البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» (١) فإنّها في إثبات الخيار في فروض مخصوصة من البيع تدلّ التزاماً على أنّ الأصل فيه أن يكون لازماً ، خرج عنه الفروض المشار إليها كخيار المجلس وخيار الحيوان وخيار تأخير الثمن وخيار الرؤية وخيار الغبن وخيار العيب وما أشبه ذلك ، فدليل هذا القول قويّ جدّاً.
وأمّا القائلون بعدم اللزوم فليس لهم في مقابله إلّا الإجماع ، ويمكن تقريره بوجهين :
أحدهما : الإجماع المحصّل المستفاد من كلماتهم صراحة وظهوراً على أنّ الصيغة المخصوصة لها أثراً خاصّاً ، ومن مشايخنا (٢) «من ادّعى الإجماع المحصّل والمنقول بل الضرورة على أنّ للصيغ المخصوصة أثراً بيّناً» ويؤذن بذلك ما في شرح القواعد من
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٦ / ٣ ، ب ١ أبواب الخيار ، التهذيب ٧ : ٢٠ / ٨٥.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٢١٢.