لا قبله أنّ قاعدة نفي الضرر حاكمة على دليل سبب اللزوم في البيع العقدي والمعاطاة على القولين ، ببيان أنّ اللزوم الّذي هو حكم شرعي رتّبه الشارع على السبب المقتضي له عقداً كان أو غيره في غير محلّ الغبن والعيب لئلّا يلزم الضرر فلا لزوم في محلّيهما ، وهذا كما ترى لا يعمّ المعاطاة قبل حصول شيء من ملزماتها إذ لا لزوم حينئذٍ ليلزم بسببه الضرر حتّى ينفيه القاعدة دفعاً للضرر من غير فرق بين القولين ، ويعمّها بعد حصول شيء من الملزمات فيثبت كلّ من الخيارين لأنّه لولاه لزم الضرر بسبب اللزوم وهو منفيّ في شرع الإسلام.
لا يقال : إنّ قضيّة حكومة دليل هذين الخيارين أيضاً على دليل اللزوم كون موضوعه أيضاً البيوع الّتي بناؤها في الشريعة على اللزوم فلا يندرج فيه المعاطاة أيضاً لعين ما ذكرت في خيارى الحيوان والمجلس ، لأنّ موضوع قاعدة الضرر ليس هو البيع بل الحكم الضرري تكليفيّاً كان أو وضعيّاً لزوماً كان أو غيره ، استند اللزوم إلى العقد أو إلى غيره من ملزمات المعاطاة.
وتوضيحه : أنّ مدرك قاعدة نفي الضرر ما ورد في الأخبار من قوله عليهالسلام : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» (١) ومفاده ـ على ما فهمه المحقّقون وحقّقناه في رسالة مفردة ـ أنّ الشارع تعالى لم يجعل في شرع الإسلام حكماً ضرريّاً أي حكماً مؤدّياً إلى ضرر مسلم ، بحيث يسند الضرر إليه تعالى حيث جعل الحكم المؤدّي إليه ، فكلّ حكم مؤدّ إلى الضرر فهو غير مجعول. ولا ريب أنّ من الحكم الضرري هو اللزوم في موارد الغبن والعيب لأنّه لو كان مجعولاً من الشارع في تلك الموارد لزم الضرر على المسلم المغبون والمعيب سلعته الّتي وقعت بيده بالبيع أو غيره فلا يكون مجعولاً بمقتضى القاعدة دفعاً للضرر. وهذا لا يتفاوت فيه الحال بين كون اللزوم المؤدّي إليه من مقتضى عقد من العقود اللازمة أو من مقتضى أسباب اخر كملزمات المعاطاة ، كما لا يتفاوت فيه الحال بالنسبة إلى ملزمات المعاطاة بين القولين فيها.
وأمّا الشفعة فالظاهر جريانها فيها على القول بالملك لاختصاص أدلّتها بالبيع
__________________
(١) سنن البيهقي ٦ : ٧٠.