سواء جعلنا الربا عبارة عن البيع المشتمل على الزيادة أو عن الزيادة في البيع أو عن المعاوضة المشتملة على الزيادة ـ وهو الأقوى ـ أو عن الزيادة في المعاوضة ، والمعاطاة على القولين معاوضة ، وعلى القول بالملك بيع أيضاً.
وأمّا الخيارات فيمكن منع جريانها فيها مطلقاً لأنّها جائزة بالذات فلا معنى لثبوت الخيار ، ويمكن القول بجريانها مطلقاً لأنّها تؤول إلى اللزوم بالتلف وغيره من الملزمات ، ويظهر أثر الخيار بعد اللزوم وفي الإسقاط والصلح عليه ، ويمكن القول بالفرق بين ما يختصّ دليله بالبيع كخيار المجلس وخيار الحيوان فلا يجري لاختصاص دليله بما وضع على اللزوم من غير جهة الخيار فلا يعمّ المعاطاة لخروجها عن هذا الموضوع لكون وضعها على الجواز ، وما لا يختصّ دليله بالبيع كخيار الغبن وخيار العنب فيأتي فيها لعموم دليله وهو قاعدة الضرر ، وجوه واحتمالات ، غير أنّه لم نقف على قائل بالوجه الأوّل ، ولا على قائل صريح بالوجه الثاني ، وأمّا الثالث فقد جزم به الشهيد الثاني في المسالك (١) وهو الأقرب بل الحقّ الّذي لا محيص عنه. ولكن ما لا يختصّ بالبيع إنّما يثبت فيها بعد حصول الملزم لا قبله.
لنا على عدم ثبوت ما يختصّ بالبيع فيها حكومة دليل خياري الحيوان والمجلس على دليل لزوم البيع الّذي هو الأصل فيه المقتضي لترتّب اللزوم على العقد من حين وقوعه ، ببيان أنّ اللزوم الّذي هو حكم شرعي رتّبه الشارع على العقد في بيع الحيوان بعد ثلاثة أيّام وفي بيع غيره بعد الافتراق ، ومعنى الحكومة هنا أنّ دليل هذين الخيارين وهو قوله : «ثلاثة أيّام للمشتري» وقوله : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا» بمدلول اللفظي متعرّض لدليل اللزوم ببيان كمّيّة موضوعه وهي أنّ بيع الحيوان لزومه بعد الثلاثة ، وبيع غيره لزومه بعد الافتراق ، وهذا كما ترى لا يتمّ إلّا في البيوع الّتي بناؤها في الشريعة على اللزوم ، فهذه البيوع موضوع هذين الخيارين فلا يندرج فيها المعاطاة على القولين فلا يشملها دليل الخيارين جزماً.
ولنا على ثبوت ما لا يختصّ بالبيع كخياري الغبن والعيب بعد حصول الملزم
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٥١.