وهذا منه قدسسره إمّا اختيار للوجه الثاني ، أو مصير إلى التفصيل وهو الوجه الثالث.
ويؤيّده أنّه من أهل القول بالإباحة (١) فعلى مختاره نفى الاشتراط. ويمكن أن يرجع كلامه الي تفصيل في تفصيل وهو التفصيل في الشروط على قوله بالإباحة لا مطلقاً.
والأقوى هو القول الأوّل لأنّ الأصل في المعاملات مطلقاً هو الفساد حتّى بالنسبة إلى إباحة التصرّفات إلّا ما خرج بالدليل ، والقدر المتيقّن خروجه من المعاطاة هي الجامعة لشروط صحّة البيع ، وأمّا الفاقدة لها كلّها أو بعضها فلا دليل على خروجها فتكون باقية ، ويعضده الشهرة محقّقة على القول بالملك معتضدة بعدم ظهور [خلاف فيه] ومحكيّة على القول الآخر معتضدة بما تقدّم من الوجهين مع الاقتصار على القدر المتيقّن من معقد السيرة وإجماع الغنية ولم نقف للشهيد على وجه ظاهر ، فقضيّة الأصل المعتضد بما ذكر اشتراط معلوميّة الثمن والمثمن ومعلوميّة الأجل فيها واعتبار التقابض في معاطاة النقدين.
وهل يجري في المعاطاة الأحكام المختصّة بالبيع كحرمة بيع الأعيان النجسة وغيرها ممّا تقدّم وحرمة الربا والشفعة وخياري المجلس والحيوان ونحو ذلك ، أو لا؟ فنقول : أمّا حرمة بيع الأعيان النجسة وغيرها ممّا تقدّم في مباحث المكاسب فلا ينبغي التأمّل في جريانها في المعاطاة على القول بالملك المتزلزل لأنّها بيع ، بل هذه الأحكام جارية في مطلق عقود المعاوضة ، والمعاطاة مع قطع النظر عن كونها بيعاً معاوضة. ومن ذلك ظهر جريانها على القول بالإباحة لأنّها معاوضة عرفيّة بل قد يقال بكونها معاوضة شرعيّة نظراً إلى إمضاء الشارع ، بل هي على هذا القول فاسدة من أصلها ولا تفيد إباحة التصرّفات في الأعيان النجسة وآلات اللهو والقمار واتّخاذ العنب خمراً والخشب صنماً للحرمة ، جميع ذلك بالأصل ، وإذن المبيح لا يرفعها وإذا انتفت الإباحة في المعوّض انتفت في العوض أيضاً لأنّ الإباحة مشروطة والشرط غير حاصل فكذا المشروط.
وأمّا تحريم الربا فالظاهر جريانه فيها على القولين لقوله تعالى : «وَحَرَّمَ الرِّبا» (٢) فإنّه عامّ في كلّ ربا كما أنّ «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» عامّ في كلّ بيع فيندرج فيه المعاطاة الربويّة
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ١٥٠.
(٢) البقرة : ٢٧٥. «٢»