الّذي يكفي في دلالته الظهور لحجّيّة الظواهر ، واختصاص الحجّيّة بالألفاظ بل الدلالة على المعنى المقصود كما أنّها معتبرة في معاطاة العقود الجائزة إذا كانت فعليّة فكذلك معتبرة في العقود اللازمة أيضاً ، فالمعاطاة حيث تدخل العقود الجائزة تساوي العقد اللفظي في الفائدة لاشتراكهما في الجواز فإنّ العقد في ذاته جائز لفظيّاً كان أو معاطاة ، والعقد اللفظي لا تفيد فائدة اخرى زائدة على فائدة المعاطاة فيها. وبذلك يمتاز هذه المعاطاة عن معاطاة العقود اللازمة فإنّها تغاير العقد اللفظي المعتبر فيها في الجواز واللزوم.
وأمّا المناقشة في التسمية بالمعاطاة في أكثرها كما تقدّم نظيرها في معاطاة على ما نقله في المسالك (١) فيدفعها ، أنّه [إن] اريد عدم التسمية لغة لعدم تحقّق المفاعلة ولا صدور الفعل بين اثنين ففيه أنّ إطلاق المعاطاة في كلمة الأصحاب ليس باعتبار اللغة ، وإن اريد عدم التسمية بحسب عرف الفقهاء أو المتشرّعة ففيه منع واضح ، لما ذكرناه مراراً من أنّها عندهم عبارة عن كلّ معاملة عقديّة فاقدة للصيغة أو شرائطها ، وهذا المعنى يوجد في الجميع حتّى الإجارة والوكالة والمزارعة والمساقاة.
ثمّ إنّ قولنا بقيام المعاطاة مقام العقد اللفظي في العقود اللازمة والجائزة ينحلّ إلى قضيّتين ، إحداهما : أنّها في كلّ عنوان يصدق عليها اسم ذلك العنوان ، فهي في محلّ الإجارة إجارة ، وفي محلّ الصلح صلح ، وفي محلّ القرض قرض ، وفي محلّ المزارعة مزارعة ، وفي محلّ الوديعة وديعة وهكذا. واخراهما : أنّها تفيد فائدة هذا العنوان من تمليك منفعة أو عين أو الاستنابة في الحفظ أو التصرّف أو الإذن في الانتفاع مع بقاء العين ، أو الإذن في العمل بعوض أو الإذن في الاتّجار بحصّة من الربح ونحو ذلك. وقضيّة ذلك كلّه أن يكون معاطاة سائر العقود كمعاطاة البيع في وجوب اجتماع شرائط الصحّة فيها ، فوجب أن تكون في محلّ الإجارة جامعة لشرائط الإجارة ، وفي محلّ القرض جامعة لشرائط القرض ، وفي محلّ المزارعة أو المساقاة جامعة لشرائطهما ، وفي محلّ الوديعة أو العارية جامعة لشرائطهما ، وفي محلّ الوكالة والجعالة جامعة لشرائطهما ، وهكذا.
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٤٧ ـ ١٥١.