وأمّا على القول بالإباحة فنقل شيخنا (١) قدسسره عن بعض مشايخه (٢) وفاقاً لبعض معاصريه (٣) تبعاً للمسالك (٤) أنّه قد استوجه عدم اللزوم لأصالة بقاء سلطنة مالك العين الموجودة وملكه.
وردّه بأنّها معارضة بأصالة براءة ذمّته عن مثل التالف أو قيمته. والأولى أن يقال :بأنّ رجوع مالك العين الموجودة بعينه عملاً بأصالة بقاء سلطنته إمّا أن يكون بدون ضمانه للمثل أو القيمة لصاحب العين التالفة ، أو يكون مع ضمانه ، والأوّل باطل لئلّا يلزم الجمع بين العوض والمعوّض ، والثاني أيضاً باطل للُاصول المتقدّمة. ولكن يرد على هذه الاصول أنّ أصالة بقاء سلطنة المالك على ماله الموجود واردة عليها لسببيّة شكّها كما يظهر بالتأمّل. بل قد يقال : بأنّ عموم «الناس مسلّطون على أموالهم» يدلّ على السلطنة على المال الموجود بأخذه وعلى المال التالف بأخذ بدله الحقيقي وهو المثل أو القيمة. وفيه نظر لما يظهر وجهه بما بيّناه في المسألة السابقة ، والعمدة ما تقدّم من ورود أصالة بقاء السلطنة ، فما استوجه وجيه.
وفي حكم تلف إحدى العينين سقوط أحد العوضين عن ذمّة أحد المتعاطيين فيما لو كان في ذمّته ، ويندرج فيه صورتان :
إحداهما : ما لو وقعت المعاطاة على عين شخصيّة مع كلّي في الذمّة ثمناً أو مثمناً ، كما لو باع رطلاً من الحنطة الموجودة برطل من تمر في الذمّة ثمّ دفع المشتري شخصاً مطابقاً له إلى البائع وفاءً عنه مع التراضي فإنّه يوجب سقوط الكلّي الّذي هو أحد العوضين عن ذمّته فإنّه في حكم التلف ، وعلى القول بالملك يوجب اللزوم فليس له الرجوع بالشخص المدفوع إلى البائع وفاءً ولا للبائع ردّه ، والرجوع بعينه المدفوعة إلى المشتري لعدم الدليل على الجواز بهذا المعنى ، فإنّ الجواز اللاحق بالمعاطاة إنّما ثبت بدليله لمورد المعاطاة وهو نفس العوضين ، والمفروض كون أحدهما كلّيّاً في الذمّة وقد سقط ، والشخص الموجود إنّما حصل في يد البائع مثلاً وفاءً عمّا في الذمّة وهو معاملة
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٩٧.
(٢) هو السيّد المجاهد في المناهل : ٢٦٩.
(٣) هو الفاضل النراقي في المستند ١٤ : ٢٥٠.
(٤) المسالك ٤ : ١٤٩.