لو تبايعا بيعاً فاسداً ، ويحتمل حينئذٍ أن يلزم من العين الاخرى في مقابلة التالف ويبقى الباقي على أصل الإباحة بدلالة ما قدّمناه» (١) انتهى.
أقول : في كلّ من الإيرادين نظر :
أمّا الأوّل : فلأنّ ما ذكره في تبعّض الصفقة غفلة عن حقيقة مراد المحقّق ، فإنّ تبعّض الصفقة في كلام الأصحاب يطلق على معنيين :
أحدهما : تبعّضها بالقياس إلى تأثير العقد بأن يؤثّر في بعض المورد دون البعض الآخر ، كما في بيع الملك والغصب منضمّين ، وبيع ما يملك وما لا يملك كشاة وكلب ، وبيع ما يقدر على تسليمه وما لا يقدر عليه كما لو باع متاعه مع الطير في الهواء وما أشبه ذلك ، فإنّ العقد يؤثّر في المملوك وفيما يملك وفيما يقدر على تسليمه لا في الضميمة ، وهذا هو الّذي لا يوجب بطلان العقد عندهم بل غايته ثبوت الخيار للمشتري.
وثانيهما : تبعّضها بالقياس إلى الأثر الحاصل من العقد بعد حصوله في تمام المورد بإبطاله في بعضه وإبقائه في البعض ، كما لو أراد من له خيار الحيوان أو خيار الغبن أو خيار العيب فسخ العقد في بعض المبيع دون البعض الآخر ، وهذا هو الّذي صرّحوا بعدم جوازه من جهة الإجماع ، بل لا بدّ إمّا من أن يفسخه في الكلّ أو يلتزم به في الكلّ ، والّذي يلزم فيما نحن فيه حسبما تمسّك به المحقّق هو من هذا القبيل ، لأنّ صاحب العين الاخرى يرجع ببعضها المقابل للباقي دون البعض المقابل منها التالف ، وهذا إبطال لأثر العقد في البعض وإبقاء له في البعض الآخر ، وهذا غير جائز ، بل لا بدّ من إبطاله في الكلّ أو إبقائه في الكلّ.
وأمّا الثاني : فلمنع التقصير في التحفّظ بإيجاب البيع ، بعد ما كان أصل البيع الغير العقدي وهو المعاطاة مشروعاً مرخّصاً فيه من الشارع تسهيلاً لأمر المعاملة على الناس برفع كلفة رعاية الصيغة ومشقّة إحراز شروطها عنهم ، فلو جاز له الرجوع ببعض العين الاخرى دون بعض كان الضرر اللازم من التبعيض مستنداً إلى جعل الشارع وهو منفيّ في شرع الإسلام. فتمسّك المحقّق بكلّ من تبعّض الصفقة والضرر في محلّه ، إلّا
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٤٩ ـ ١٥٠.