الثانية : لو حصل من العين نماء فإن كان تالفاً لم يرجع صاحبها بغرامته ، وإن أتلفه من هي بيده كما في المسالك (١). والظاهر أنّ هذا أيضاً ممّا لا خلاف فيه ، من غير فرق فيه بين ما لو تلفت العين أيضاً وما لو بقيت رجع بها صاحبها أو لا ، ولا بين القول بالملك أو الإباحة ، لما عرفت من أنّه على الأوّل إتلاف للملك فلا يستتبع ضماناً ، وعلى الثاني إتلاف مستند إلى تسليط المالك وإذنه فلا يوجب ضماناً أيضاً.
وإن كان باقياً فهل يرجع به صاحب العين أو لا؟ فنقول : إنّ له صوراً ثلاث لأنّ بقاءه إمّا أن يكون مع تلف العين ، أو مع بقائها وأراد الرجوع به دونها ، أو أراد الرجوع بهما معاً.
أمّا الصورة الاولى : فقد يقال بأنّ الحكم فيه من حيث جواز الرجوع به وعدمه يختلف على القول بالإباحة والقول بالملك ، إذ على الأوّل لا ينبغي التأمّل في جواز الرجوع به لكونه ملكاً له قبل تلف العين تبعاً لملك العين فكذلك بعده استصحاباً للحالة السابقة ، وكون تلف العين ملزماً له أيضاً لا يتمّ إلّا بكونه مملّكاً له لمن بيده تلف العين ، وهذا يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، والأصل يقتضي بقاءه على ملك مالك العين وعموم «الناس مسلّطون على أموالهم» يقتضي تسلّطه على الرجوع به. وعلى الثاني في اللزوم وعدمه وجهان : من أنّ النماء كما أنّه تابع للعين في الملك فيكون ملكاً لمن له ملك العين فكذلك تابع لها في وصف الملك من حيث اللزوم والجواز فيلزم بلزوم العين وحيث إنّ التلف يوجب اللزوم في العين فيلزم النماء أيضاً تبعاً لها ، ومن أنّ اللزوم بالنسبة إلى العين بالتلف إنّما التزمناه لضرورة امتناع الترادّ والضرورة تتقدّر بقدرها ، والرجوع إنّما تعذّر بالتلف بالنسبة إلى العين وهو بالنسبة إلى النماء غير متعذّر فلا ضرورة للزومه فيكون جائزاً.
وأمّا الصورة الثانية (٢) : فيحتمل فيها القول بالجواز لأنّه كما يتبع العين في الملك فكذلك يتبعها في الجواز واللزوم فله أن يرجع به كما أنّ له أن يرجع بالعين ، والقول باللزوم لمن بيده العين لأنّ الجواز وصف فيما وقع عليه المعاطاة والنماء ليس منه ،
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٥٠.
(٢) في الأصل : الثالثة.