وممّا يرشد إلى ذلك أنّ ما يقرب من هذه العبارة منقول أيضاً عن الغنية وهو كالصريح في كون عدم الصحّة لهذه الحيثيّة لا غير حيث قال : «واعتبرنا حصول الإيجاب من البائع والقبول من المشتري تحرّزاً من القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتري وهو أن يقول : بعنيه بألف ، فيقول : بعتك ، فإنّه لا ينعقد حتّى يقول المشتري بعد ذلك : اشتريت أو قبلت» (١) انتهى.
ونسب في المسالك (٢) كما عن غاية (٣) المراد إلى الشيخ في الخلاف (٤) دعوى الإجماع على الاشتراط. وليس كما نسب حتّى أنّه قال في مفتاح الكرامة : «وهو وهم قطعاً ، لأنّي تتبّعت كتاب البيع فيه مسألة مسألة وغيره حتّى النكاح فلم أجده ادّعى ذلك ، وإنّما عبارته في المقام توهم ذلك للمستعجل وهي قوله : دليلنا أنّ ما اعتبرناه مجمع على ثبوت العقد به وما ادّعوه لا دلالة على صحّته» (٥) انتهى.
وهو كما ذكره ، فإنّ الإجماع على ثبوت العقد بتقديم الإيجاب ليس إجماعاً على اشتراط التقديم ولا على فساد ما قدّم فيه القبول ، ولذا ذكر في ردّ القول بجوازه أنّ ما ادّعوه لا دلالة على صحّته ، وهذا ظاهر كالصريح في كون مستند عدم صحّة ذلك عدم الدليل على الصحّة لا الدليل على عدم الصحّة ، فيرجع في الحقيقة إلى التمسّك بالأصل المقتضي للفساد إلّا ما اجمع على صحّته وهو ما قدّم فيه الإيجاب.
والقول بعدم الاشتراط لجماعة منهم المحقّق في الشرائع (٦) والشهيدان في الدروس (٧) واللمعة (٨) والمسالك ٩ والروضة (١٠) ولعلّه عليه أكثر متأخّري المتأخّرين (١١).
وفي المسالك كما عن الحاشية الميسيّة (١٢) والروضة (١٣) ومجمع البرهان (١٤) «أنّ موضع الخلاف ما لو كان القبول بلفظ : ابتعت أو اشتريت أو تملّكت منك كذا وبكذا ،
__________________
(١) الغنية : ٢١٤.
(٢ و ٩) المسالك ٣ : ١٥٣.
(٣) غاية المراد ٢ : ١٦.
(٤) الخلاف ٣ : ٤٠ المسألة ٥٦.
(٥) مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٢٩.
(٦) الشرائع ٢ : ١٣.
(٧) الدروس ٣ : ١٩١. (٨) اللمعة : ١٠٩.
(١٠) الروضة ٣ : ٢٢٦. (١١) كما في مجمع البرهان ٨ : ١٤٥ ، والكفاية ٨٩ ، والحدائق ١٨ : ٣٤٩.
(١٢) نقله عنه في مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٣٠.
(١٣) الروضة ٣ : ٢٢٦. (١٤) مجمع البرهان ٨ : ١٤٦.