مؤذناً بدعواه ، وعن الكفاية (١) في باب الغصب أنّه مقطوع به في كلام الأصحاب.
وفي مقابل الإطلاق المذكور ربّما فصّل في المسألة تفصيلاً ، وهو على وجوه ثلاث :
الأوّل : ما اختاره في مفتاح الكرامة بقوله «إذا تقرّر هذا فإن كانا جاهلين بالفساد فلا إشكال في ضمان كلّ منهما ما صار إليه لأنّه إنّما وقع الرضا بزعم الصحّة ، كما أنّه لا إشكال في إباحة التصرّف وعدم الضمان إذا كانا عالمين بالفساد وكان من نيّتهما المعاطاة ، وأمّا إذا علم أحدهما وجهل الآخر فلا ريب في ضمان غير الجاهل مال الجاهل» (٢).
الثاني : ما عن مجمع الفائدة من أنّه قوّى في صورة الجهل عدم الضمان ، ثمّ قال : «ومع علم الآخر أقوى» (٣) وهذا يقتضي ضمان العالم مع علم الدافع أيضاً أو مع جهله.
الثالث : ما عن الشيخ الغروي في شرحه للقواعد ، وهو أنّ الضمان إنّما يثبت إذا كان قصدهما تعلّق الملك بالناقلين حقيقة في الجاهلين حتّى يثبت الإقدام على الضمان من الجانبين ، فلو خلّي من جانب واحد كان الدافع إليه مضيّعاً لماله ، وكذلك في صورة العالمين لو أوقعا عناداً أو ابتداعاً أو اختراعاً ، تعليلاً بأنّ العقود المبتدعة المخترعة كبيع الحصاة والملامسة والمنابذة ونحوها من المخترعات لا تثمر ملكاً ولا إباحة ولو علم بالفساد (٤). والظاهر أنّه يرجع إلى التفصيل الأوّل.
وإن شئت بملاحظة ما تقدّم من تعميم المشتري بالقياس إلى البائع فعبّر عن القاعدة بأنّ المقبوض بالعقد الفاسد مضمون على قابضه ، وهذا يتناول المعاطاة الفاسدة أيضاً ، بل فاسد سائر العقود المعاوضيّة من الصلح والإجارة والهبة المعوّضة بل النكاح الفاسد بالقياس إلى المهر المقبوض ، لعموم القاعدة وعدم اختصاصها بالبيع.
وأمّا مدرك القاعدة فممّا استدلّ أو يمكن أن يستدلّ به ، وممّا هو صحيح أو غير صحيح وجوه :
الأوّل : الإجماعات المنقولة ـ المتقدّم إلى جملة منها الإشارة ـ المعتضدة بالشهرة العظيمة المحقّقة والمحكيّة بل ظهور الإجماع من تتبّع كلمة الأصحاب في أبواب
__________________
(١) الكفاية : ٢٦٠.
(٢) مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٤١.
(٣) مجمع الفائدة ٨ : ١٩٢.
(٤) شرح القواعد : ٥٢.