وقضيّة كون وجوب ردّ العين في صورة البقاء من أحكام ملك العين وعدم دخولها بالعرض في ملك المشتري فلا كلام لأحد في وجوبه بل الكلام والخلاف لو كان فإنّما هو في وجوب ردّ المثل أو القيمة على تقدير التلف أن يكون المراد به المعنى الأوّل ، ولذا فسّره بعض مشايخنا (١) بكون تلفه عليه.
ثمّ إنّ القابض مع الدافع إمّا جاهلان بالفساد ، أو عالمان به ، أو القابض جاهل والدافع عالم ، أو بالعكس.
والقول بالضمان في جميع الصور الأربع لجماعة منهم الشيخان في المقنعة (٢) والنهاية (٣) والمبسوط (٤) والخلاف (٥) والفاضلان في الشرائع (٦) وجملة من كتب العلّامة (٧) وغيرهما (٨) ممّن تأخّر عنهما نظراً إلى إطلاق كلامهم ، بل قيل : هو المعروف حتّى أنّه لم نقف ممّن قبل ثاني الشهيدين في المسالك من احتمل خلاف الضمان في شيء من صور المسألة.
نعم هو في الكتاب احتمل في صورتي علم الدافع عدم الضمان احتمالاً ، ثمّ عدل بعده إلى القول بالضمان في جميع الصور ، لأنّه قال عند شرح عبارة الشرائع : «لا إشكال في ضمانه إذا كان جاهلاً بالفساد ، لأنّه أقدم على أن يكون مضموناً عليه فيحكم عليه به وإن تلف بغير تفريط ... إلى أن قال : ولا فرق مع جهله بين كون البائع عالماً بالفساد أو جاهلاً مع احتمال عدم الضمان لو علم لتسليطه على إتلافه مع علمه بكونه باقياً على ملكه ، وكذا لو كانا عالمين بالفساد ، ولو كان البائع جاهلاً به والمشتري عالماً فالضمان أولى ، والأقوى ثبوته في جميع الصور» (٩) انتهى. حتّى عنه في كتاب الغصب إطلاق دعوى «الاتّفاق على أنّه يضمن» (١٠) وعن الشيخ (١١) في باب الرهن وفي موضع من البيع (١٢) الإجماع عليه صريحاً ، وقد عرفت عن الحلّي (١٣) نسبته إلى المحصّلين
__________________
(١) المكاسب ٣ : ١٨٠. (٢) المقنعة : ٦٠٧.
(٣) النهاية : ٤٠٢. (٤) المبسوط ٢ : ١٤٩.
(٥) الخلاف ٣ : ١٥٨ المسألة ٢٥١.
(٦) الشرائع ٢ : ١٣.
(٧) التذكرة ١٠ : ٢٩٢. والإرشاد ١ : ٣٦٢.
(٨) كما في جامع المقاصد ٤ : ٦ ، والمسالك ٣ : ١٥٤.
(٩) المسالك ٣ : ١٥٤.
(١٠) المسالك ١٢ : ١٧٤.
(١١) المبسوط ٢ : ٢٠٤. (١٢) المبسوط ٢ : ١٠٥.
(١٣) السرائر : ٢٨٥.