اختلاف مشاربهم. وينبغي التعرّض أوّلاً لبيان أجزاء القاعدة فمن جملتها «القبض» والمراد منه إثبات اليد على [العين] والاستيلاء عليه بحيث يتسلّط على التصرّف فيها كيف شاء والتقلّب به حيث أراد على حدّ ما هو معتبر في الغصب ليترتّب عليه الضمان ، فلا يكفي فيه مجرّد التخلية بينه وبين العين وإن لم يتمكّن من التصرّف فيه أو لم يثبت يده عليه ، ولا بدّ أن يكون المقبوض عيناً شخصيّة سواء كانت بنفسها مورداً للعقد أو كان قبضها منوطاً بالمعاملة الوفائيّة عن الكلّي.
و «المشتري» مثال أو مراد منه ما يعمّ البائع وهو المدفوع إليه المال ثمناً كان أو مثمناً ، إذ الحكم لا يختصّ بالمشتري بمعناه الأخصّ بوحدة المناط واتّحاد الطريق.
في المقبوض بالعقد الفاسد والمراد بـ «العقد الفاسد» ما حكم بفساده شرعاً ، إمّا في أصله كما لو كان الفساد لاختلاف شرط من شروط الصحّة سواء كانت من شروط الصيغة أو المتعاقدين أو العوضين ، أو لفساد شرط مأخوذ في متنه ، أو لسبب آخر كما لو كان فضوليّاً ولم يلحقه إجازة المالك بل لحقه ردّه.
وقد ذكر الأصحاب في هذه القاعدة حكمين ، أحدهما : أنّ القابض لا يملك العين المقبوضة ، ووجهه واضح لا يحتاج إلى البيان ولا إلى إقامة دليل ، فإنّ الفساد المفروض للعقد معناه عدم دخول العين المقبوضة في ملك القابض. وأمّا الضمان فله في كلام الأصحاب إطلاقات ، فقد يراد منه اشتغال الذمّة بمثل مال أو قيمته كما في الإتلاف يقال : إنّ المتلف يضمن المثل أو القيمة ، وقد يراد منه وجوب ردّ المال بعينه أو بمثله أو بقيمته كما في ضمان الغاصب حيث يجب عليه ردّ العين مع بقائها أو مثله أو قيمته مع تلفها ، وقد يراد منه التعهّد بمال من غير مشغول به وهو بهذا المعنى عقد مستقلّ ومعاملة برأسها.
وقضيّة كون ردّ العين على تقدير البقاء أولى بالوجوب من ردّ المثل أو القيمة في صورة التلف أن يكون المراد به في المقام هو المعنى الثاني ، خصوصاً على مقتضى كلام من جعل المقبوض بالعقد الفاسد كالمغصوب ، ومنه ما عن السرائر من «أنّ البيع الفاسد يجري عند المحصّلين مجرى الغصب في الضمان» (١).
__________________
(١) السرائر ٢ : ٢٨٥.