فهو من إبدال ماله بعوض رضي به ، وإذا فرض عدم إمضاء الشارع لهذا الإبدال بقي المال المدفوع في ضمان القابض بعوضه الواقعي. وعدم إمضاء الشارع للإبدال ليس إسقاطاً لهذا الضمان ، كما أنّ علم الدافع بعدم الإمضاء ليس إسقاطاً له ، وقد عرفت أنّ الضمان هو الأصل ، وسقوطه يحتاج إلى إسقاط المالك وهو غير متحقّق في مفروض المقام ، بشهادة ما ذكر من أخذ العوض الفاسد الّذي لولاه لم يدفع إلى القابض.
وأضعف من الاحتمال المذكور احتمال عدم الضمان مع جهل القابض كما احتمله المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة (١) لشبهة رجوع المغرور إلى من غرّ. ووجه ضعفه : أنّ الجهل بالفساد في القابض على تقدير كونه عذراً حتّى مع التقصير إنّما يوجب عدم كونه ما دام الجهل مخاطباً بردّ المثل أو القيمة ، وهذا لا ينافي ملك الدافع ذلك المثل أو القيمة في ذمّته لتحقّق سببه وهو القبض مع التلف ، وكونه حكماً وضعيّاً لا يختلف بالعلم والجهل وبذلك يندفع شبهة الغرور ورجوعه إلى الغار ، بل المقام عند التحقيق ليس من مجاري رجوع المغرور إلى من غرّ.
نعم ربّما يشكل الحال في مسألتين :
أحدهما : ما لو باع بلا ثمن وأقبض المبيع ثمّ تلف في يد المشتري ، فإنّه من البيع الفاسد والمال المقبوض مقبوض بالعقد الفاسد ، ولا يجري فيه قاعدة الإتلاف المقتضية للضمان.
واخراهما : شراء المغصوب مع علم المشتري بالغصب ، وعدم لحوق إجازة المالك الّذي اشتهر بينهم أنّه لا يرجع على البائع بالثمن المدفوع إليه ، وفي تذكرة العلّامة «أنّه قول علمائنا» (٢) مؤذناً بدعوى الإجماع عليه ، وإطلاقه يقتضي منع المشتري من الرجوع على البائع حتّى مع بقاء العين أيضاً ، وربّما حكي عن بعضهم التصريح بذلك أيضاً. وذهب جماعة من المتأخّرين ومتأخّريهم إلى التفصيل بين تلف العين فلا يرجع وبقائها فيرجع ، وهذا أيضاً من المال المقبوض بالعقد الفاسد ولا ضمان فيه. والفرق بين المسألتين أنّ الاولى لا يجري فيها قاعدة الإقدام المقتضية للضمان أصلاً ، والثانية يجري فيها القاعدة ، ولا حكم لها على القول المذكور المدّعى عليه الإجماع.
__________________
(١) مجمع الفائدة ٨ : ١٩٢.
(٢) التذكرة ١٠ : ١٨.