المشتري بتلف العين المعقود عليها قبل القبض وهو باطل لأنّه في ضمان البائع ، فتعيّن الرابع.
فيؤول الكبرى إلى أن يقال : إنّ كلّ من أقدم على ضمان مال بعوض لم يسلم له يضمن مثله أو قيمته ، لأنّ قبض ذلك المال المتعقّب لتلفه في يده علّة وسبب لتملّك الدافع مثله أو قيمته في ذمّته ، وهذه السببيّة كما ترى حكم شرعي يقتضي وسطاً.
ويمكن القول بأنّه يكفي فيه أيضاً القضيّة المركوزة في الأذهان ولكن بانضمام إمضاء الشارع لها ، فإنّها من الفطريّات الّتي مرجعها إلى كون معتقد العامّة بحسب الفطرة عدم خروج مال أحد إلى غيره إلّا بعوضه الّذي هو إمّا المثل أو القيمة الواقعيّة وقد أمضاه الشارع ، كما يكشف عنه تقرير أهل بيت العصمة الكاشف عن رضاهم الملازم لحقّيّة معتقد العامّة أو السيرة الّتي مرجعها إلى إجماع العامّة على الاعتقاد بمضمون القضيّة الكاشف عن رضا المعصومين بها الكاشف عن إمضاء الشارع ، وتوسيط الإقدام حينئذٍ لبيان أنّ المالك لم يسقط ضمان ماله عن القابض حيث أقبضه بالعقد الفاسد كما أسقطه بمقتضى «الناس مسلّطون على أموالهم» في الإباحات والهدايا والهبات والصدقات وغيرها ممّا لا يضمن فيه القابض للمال المدفوع إليه بالمثل والقيمة بالتصرّفات الإتلافيّة.
وبالجملة المراد بالإقدام المأخوذ وسطاً في الدليل إنّما هو عدم إسقاط المالك ضمان ماله المدفوع إلى القابض عنه ، ومبناه على أنّ الضمان بالمثل أو القيمة هو الأصل في المال ، وسقوطه يحتاج إلى إسقاط من المالك ، ولا مدرك للأصل المذكور إلّا القضيّة المركوزة في الأذهان المجمع عليها الّتي أمضاها الشارع. فدليل الإقدام على الضمان المترتّب على القبض المتعقّب للتلف تمام ، لتماميّة صغراه وكبراه معاً.
ولا فرق في الضمان بين كونهما عالمين بالفساد أو جاهلين به أو مختلفين مع علم الدافع وجهل القابض أو بالعكس ، لوحدة المناط واطّراده في جميع الصور.
وتوهّم : احتمال عدم الضمان في صورتي علم الدافع ، ضعيف ، وتعليله بتسليط الدافع القابض على إتلافه مع علمه ببقاء ملكه عليل ، لوضوح أنّ المسقط للضمان إنّما هو تسليطه على الإتلاف مجّاناً وهو غير متحقّق فيما نحن فيه ، لبناء العقد على المعاوضة وأخذ العوض ، وإن علم بعدم دخوله في ملكه بحيث لو لم يدفع ماله إلى القابض جزماً