في الذمّة ولا يتعيّن إلّا بقبض صحيح ، كما لو قال : ارم حقّي في البحر ، فرمى مقدار حقّه. بخلاف ما لو قال للمستودع : سلّم مالي إلى الصبيّ أو ألقه في البحر ، لأنّه امتثل أمره في حقّه المعيّن. ولو كانت الوديعة للصبيّ فسلّمها إليه ضمن وإن كان بإذن الوليّ ، إذ ليس له تضييعها بإذن الوليّ. وقال أيضاً : لو عرض الصبيّ ديناراً على الناقد لينقده أو متاعاً إلى مقوّم ليقوّمه فأخذه لم يجز له ردّه إلى الصبيّ بل على وليّه إن كان ، فلو أمره الوليّ بالدفع إليه فدفعه إليه برئ من ضمانه إن كان المال للوليّ وإن كان للصبيّ فلا ، كما لو أمره بإلقاء مال الصبيّ في البحر فإنّه يلزمه ضمانه. وإذا تبايع الصبيان وتقابضا وأتلف كلّ واحد منهما ما قبضه ، فإن جرى بإذن الوليّين فالضمان عليهما ، وإلّا فلا ضمان عليهما بل على الصبيّين ويأتي في باب الحجر تمام الكلام. ولو فتح الصبيّ الباب وأذن في الدخول على أهل الدار ، أو أدخل الهديّة إلى إنسان عن إذن المهدي فالأقرب الاعتماد لتسامح السلف فيه» (١) انتهى.
أقول : في التعليل بالنسبة إلى الأمرين الأخيرين نظر ، إذ لو اريد بتسامح السلف في الاعتماد على قول الصبيّ قلّة مبالاتهم في أمر الدين حيث اعتمدوا على ما لا ينبغي الاعتماد عليه ، فهو مع ما فيه من كونه في معنى تفسيقهم أنّه لا يكشف عن الجواز ، وإن اريد به عدم مداقّتهم ليتحرّوا في تحصيل العلم ، فيكشف ذلك عن جواز الاعتماد على هذا الخبر في خصوص الأمرين ، وان لم يفد الأمرين ففيه منع واضح ، لأنّ هذا الخبر في غالب موارده محفوف بقرينة العلم بالصدق ، فاعتماد السلف إنّما كان على العلم بالصدق لا على نفس خبر الصبيّ وإن لم يعلم صدقه ، فالوجه في الأمرين أنّ خبره ما لم يفد العلم بصدقه بمعونة قرائن الحال والمقام لم يجز أخذ الهديّة منه ولا الدخول في البيت ، فالمدار على العلم بصدقه لا على نفس الخبر الغير المفيد له.
وأمّا وكالته عن الوليّ في إجراء العقد إيجاباً أو قبولاً على ماله أو على مال الوليّ لنفسه أو لغيره أو عن غير الوليّ لنفسه أو لثالث ، فالوجه فيها أيضاً عدم صحّة الوكالة وعدم صحّة عقده بموجب هذه الوكالة الفاسدة ، لعموم ما دلّ على مسلوبيّة عبارته
__________________
(١) نهاية الاحكام ٢ : ٤٥٤.