الصحّة بين الأشياء الخطيرة والأشياء الحقيرة ، وهو الأقوى ، عملاً بإطلاق النصّ والفتوى والإجماعات المنقولة. خلافاً لما عن المحدّث الكاشاني من قوله : «الأظهر بيعه وشراؤه فيما جرت العادة به من الأشياء اليسيرة دفعاً للحرج» (١) انتهى.
وهذا كما ترى نقض لإطلاق الأدلّة ودفع لعموم قوله : «الغلام لا يجوز أمره في البيع والشراء حتّى يبلغ خمس عشرة سنة» (٢) فلا بدّ له من دليل ولا دليل ، والتعليل بدفع الحرج عليل لمنع الملازمة ، إذ لا يستريب أحد في أنّه لو لا معاملات الأطفال في الأشياء اليسيرة لا يلزم حرج أصلاً ، سواء اريد بالنفي في قولنا لو لا منع الأطفال من البيع والشراء أو منع البالغين المكلّفين من المعاملة معهم ببيع أو شراء منهم أو منع الأولياء من نصب الأطفال في الأسواق للبيع والشراء ، فدعوى لزوم الحرج تحرّج من غير أن يكون هناك حرج.
لا يقال : إنّ دليل المسألة هو ما أشار إليه بقوله «فيما جرت به العادة» فإنّ جريان العادة عبارة عن استقرار السيرة بذلك ، لمنع استقرار السيرة الكاشفة أيضاً فإنّها في موارد وجودها إجماع عملي يكشف عن رأي المعصوم ورضاه ، وهو ليس بمتحقّق هنا ، إذ الناس أصناف :
منهم : العلماء والمجتهدون خلفاً عن سلف ، ونقطع بأنّهم لا يتعاملون مع الصبيان أصلاً لا في الأشياء الخطيرة ولا الحقيرة.
ومنهم : الصلحاء المتورّعون المتّقون من العوامّ العارفين بالمسائل ، ونقطع بأنّهم أيضاً يحترزون عن المعاملة مع الصبيان حتّى في الأشياء الحقيرة.
ومنهم : العوامّ الجاهلون بالمسائل وبعدم صحّة عقد الصبيّ وعدم نفوذ تصرّفاته ، وهم قد يتعاملون مع الصبيان ولكن لجهلهم بحكم المسألة.
ومنهم : العوامّ الغير المبالين في امور دينهم فيتعاملون مع الأطفال ويبيعون ويشترون منهم ، لعدم مبالاتهم من العقود الفاسدة وأكل الأموال المحرّمة ، وهم الّذين يشترون الأموال المسروقة مع العلم بالسرقة ، والّذين يأكلون الربا ، والّذين يبيعون
__________________
(١) المفاتيح ٣ : ٤٦.
(٢) الوسائل ١٧ : ٣٦٠ / ١ ، ب ١٤ عقد البيع ، الكافي ٧ : ١٩٧ / ١.