في الخارج فيكون فساد عقده لانتفاء الرضا لا غير.
ومنها : ما سيأتي من أنّ المشهور المدّعى عليه الاتّفاق صحّة عقد المكره ونفوذه بلحوق الرضا الملازم لارتفاع الكراهة ، وظاهر أنّ لحوق الرضا المتأخّر إنّما يصحّحه إذا كان المنتفى عنه هو الرضا بعد تحقّق القصد إلى المعنى المادّي والهيئي معاً ، لا إذا كان فاقداً لهذا القصد أيضاً فإنّه حينئذٍ يصير بمنزلة ما يصدر من الهازل والمورّي ولا يعقل أن يصحّحه الرضا المتأخّر. والسرّ في الفرق أنّ العقد سبب للأثر المترتّب عليه وقصد معنى اللفظ مادّة وهيئة معتبر في تحقّق ذات السبب فإذا انتفى انتفى ذات السبب ، والرضا المتأخّر لا يعطيه الوجود بخلاف الرضا مع تحقّق شرط تحقّق الذات ، فإنّه شرط لتأثيره فإذا انتفى انتفى التأثير لا الذات ، وإذا لحقه الرضا أو الإجازة الكاشفة عن الرضا يؤثّر أثره ، غاية الأمر رجوع ذلك إلى أنّ هذا الشرط للتأثير لا يعتبر فيه المقارنة للعقد ، ولا ضير فيه إذا ساعد عليه الدليل.
ومنها : ما يجده المتتبّع في تضاعيف كلماتهم ، من أنّ عقد المكره يجري عندهم في البطلان والصحّة مع الإجازة الكاشفة عن الرضا مجرى عقد الفضولي ، ولا ريب أنّ عقده فاقد لرضا المالك لا القصد إلى مدلول اللفظ مادّة أو هيئة وكذا ما يجري مجراه. وأيضاً يوجد في مطاوي عباراتهم التعبير عن الشرط المفقود في عقد المكره تارةً بالقصد إلى مدلول اللفظ ، واخرى بالرضا مكان القصد ، وثالثة بالقصد والرضا معاً في موضع واحد أو موضعين من كتاب واحد ، ومن ذلك ما في الرياض من نقل تعليلهم لصحّة عقده بعد الإجازة «بأنّه بالغ رشيد قاصد إلى اللفظ دون مدلوله ، وإنّما منع عدم الرضا ، فإذا زال أثّر العقد كعقد الفضولي حيث انتفى القصد إليه من مالكه مع تحقّق القصد إلى اللفظ في الجملة ، فلمّا لحقته إجازة المالك [أثّرت] ولا يعتبر مقارنته للعقد للأصل ، بخلاف العقد المسلوب بالأصل كعبارة الصبيّ فلا يجبره إجازة الوليّ ولا رضاه بعد بلوغه» (١) انتهى.
فلاحظ ما في عبارة الدليل ، أوّلاً :من فرض انتفاء القصد إلى مدلول اللفظ ، وثانياً :
__________________
(١) الرياض ٨ : ٢١٨.