عروض الوجوب والمنفعة أنّهما لكونهما تكليفين من عوارض فعل المكلّف فلا يلحقان العين والمنفعة أوّلاً وبالذات وعلى وجه الحقيقة فكذلك الثلاثة لاشتراكها لهما في صفة التكليف وكونها من عوارض الفعل.
وإن اريد من لحوق الثلاثة لهما أنّها يلحقانهما بواسطة ما يضاف إليهما من فعل المكلّف كالاكتساب فيما نحن فيه ، والمعروض الواقعي لها هو ذلك الفعل ، فمعنى حرمة ما يكتسب به من العين والمنفعة أو كراهته أو إباحته حرمة الاكتساب بهما أو كراهته أو إباحته فكذلك الوجوب والندب فيجوز لحوقهما للعين والمنفعة باعتبار ما يضاف إليهما من الاكتساب ، فهو المعروض الواقعي. ومعنى وجوب ما يكتسب به من العين والمنفعة أو ندبه حينئذٍ وجوب الاكتساب بهما أو ندبه ، فالفرق تحكّم والمنع من لحوقهما لهما مع تسليم لحوق الثلاثة مكابرة.
ولكنّ الإنصاف أنّ الصحيح بعد جعل مورد القسمة ما يكتسب به من الأعيان والمنافع هو ما صنعه المحقّق (١) والشهيد (٢) من الاقتصار في التقسيم على الثلاثة وإسقاط الواجب والمستحبّ ، فإنّ المراد من المقسم حينئذٍ الأعيان والمنافع الّتي يلحقها لعناوينها الكلّيّة المنضبطة الأحكام التكليفيّة ولو مجازاً من باب الإسناد المجازي ، وهي بهذا المعنى منحصرة في الثلاثة غير قابلة للانقسام إلى الواجب والمندوب أيضاً. وما قد يرى في بعض الأحيان من وجوب بيع بعض الأعيان أو ندبه كذلك فهو من عوارض الشخص لا من لواحق العنوان كما هو واضح ، نعم على طريقة من جعل التجارة مورداً للقسمة فالتقسيم إلى الخمسة في محلّه ، ولذا استحسن في المسالك (٣) كلا التقسيمين.
ثمّ إنّه قد عرفت أنّ محلّ التجارة المحرّمة بل المكروهة أيضاً يعمّ الأعيان والمنافع ، وهل يعمّ الحقوق القابلة للتعويض بعقد الصلح كحقّ الشفعة وحقّ الخيار ونحوه بأن يقول : «صالحتك عن هذا الخمر أو عن هذا الخنزير بحقّ شفعتك أو بحقّ خيارك» أو يقول : «صالحتك عن حقّ شفعتي أو عن حقّ خياري برطل من الخمر أو
__________________
(١) الشرائع ٢ : ٩.
(٢) اللمعة : ٦١.
(٣) المسالك ٣ : ١١٨.