بهذا الخنزير» فيندرج نحو هذا أيضاً في التجارة المحرّمة أم لا؟ لم نقف في كلامهم على تصريح في ذلك ، إلّا أنّ المستفاد من فحاوي عباراتهم ومساق استدلالاتهم على المنع بل عموم بعض الأدلّة المقامة عليه هو العموم.
ثمّ من الظاهر أنّ مورد التجارة إذا كان من الأعيان المحرّمة أو المكروهة لا يتفاوت الحال في الحرمة أو الكراهة بين ما لو اعتبرت العين المحرّمة أو المكروهة أحد العوضين أو كليهما لوحدة المناط وعموم الأدلّة.
ثمّ إنّه قد يقال : إنّ المراد من حرمة الاكتساب حرمة النقل والانتقال بقصد ترتّب الأثر. ولم أتحقّق معناه ، فإن اريد به أنّ العقد في محلّ التحريم يفيد نقلاً وانتقالاً في العين أو المنفعة والتحريم إنّما هو في ذلك النقل والانتقال وهو الأثر المترتّب على العقد على معنى أنّ المحرّم هو الأثر ، ففيه : أنّه خلاف ما اتّفقت عليه كلمتهم صراحةً وظهوراً من فساد العقد في محلّ التحريم ، وفي إجماعاتهم المنقولة ما هو صريح في ذلك أيضاً ، كما في كلام العلّامة في التذكرة في شرائط البيع حيث قال : «يشترط في المعقود عليه الطهارة الأصليّة ، فلو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير لم يصحّ إجماعاً» (١) فلا يترتّب على العقد في محلّ التحريم أثر النقل والانتقال حتّى يكون هو المحرّم. فمعنى حرمة التجارة أو الاكتساب هاهنا حرمة أصل العقد على الأعيان المحرّمة أو حرمة المعاوضة والمبادلة الواقعة بين المتعاقدين بذلك العقد.
ويمكن إرجاع كلام القائل إلى هذا المعنى بأن يراد من النقل والانتقال الصوري منهما أعني المعاوضة بذاك العقد المستتبعة لدفع كلّ من المتعاقدين لما بيده إلى صاحبه ، لا النقل والانتقال المعنويّ الّذي هو أثر للعقد ، ومعناهما إخراج المالك ما في يده من ملكه وإدخاله في ملك صاحبه وخروج كلّ من العوضين عن ملك مالكه ودخوله في ملك غيره ، ويحتمل أن يكون النقل والانتقال في كلامه كناية عن العقد الّذي يفيدهما بنوعه وإن لم يفد في خصوص المورد تسمية للمؤثّر باسم الأثر.
ثمّ القدر المتيقّن من معقد التجارة المحرّمة إنّما هو عقود المعاوضة بحسب الأصل
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ٢٥.