من الدواعي النفسانيّة ، أو لا تمنعها مطلقاً نظراً إلى الصدق العرفي لصحّة أن يقال : إنّه مكره على بيع المبارك وليس بمختار ، أو يفصّل بين ما لو كان بيع غير المكره عليه مقدّماً على بيع المكره عليه محصّلاً لغرض الأمر بإسقاطه المأمور به في نظره فلا يبقى إكراه في بيع المكره عليه فيكون صحيحاً وبين ما لو لم يكن محصّلاً لغرضه في الأمر ببيع المكره عليه فيكون من عقد المكره فيفسد؟ وجوه ، ولا يبعد تقوية الأخير. ويعلم كونه محصّلاً وعدمه باعتبار الخارج ، ولو شكّ فمحلّ إشكال من حيث إفضائه إلى الشكّ في دلالة القرينة على الكراهة وعدمها ، ومرجعه إلى إجمال القرينة وهو ربّما يسري إلى العقد بالنسبة إلى ظهوره في قصد وقوع الأثر كتعقّب الأمر للحظر الموجب لإجماله.
وأمّا الصورة الثالثة : فاستشكله العلّامة في التذكرة (١) وفصّل بعض مشايخنا «بأنّ بيع العبدين إن كان تدريجاً فالظاهر وقوع الأوّل مكرهاً دون الثاني ، مع احتمال الرجوع إليه في التعيين سواء ادّعى العكس أم لا. ولو باعهما دفعةً احتمل صحّة الجميع لأنّه خلاف المكره عليه والظاهر أنّه لم يقع شيء منهما عن إكراه ، وبطلان الجميع لوقوع أحدهما مكرهاً عليه ولا ترجيح ، والأوّل أقوى» (٢).
أقول : وجه ظهور الأوّل أنّ أمر المكره ببيع أحدهما من غير تعيين قرينة مقام تزاحم ظهور العقد بالنسبة إلى بيع الأوّل ، ويدلّ على وقوعه لا عن طيب نفسه ، ولا تدلّ عليه بالنسبة إلى بيع الثاني فيرجع فيه إلى ظاهر اللفظ ، مضافاً إلى أنّه لا يقال عرفاً : إنّه مكره على بيع الثاني بل يقال : إنّه مختار فيه.
ووجه الثاني : وهو احتمال الرجوع إليه في التعيين وإن ادّعى العكس أنّه كما اكره على بيع أحدهما فكذلك يقال عرفاً بعد بيعهما تدريجاً : إنّه كان مكرهاً على بيع أحدهما وإنّما يكون كذلك باعتبار انتفاء طيب النفس عن أحدهما وهو أمر قلبي لا يعلم إلّا من قبله ، فيقبل قوله في التعيين عملاً بعموم قبول دعوى المدّعي فيما لا يعلم إلّا من قبله. وهذا أوجه.
ووجه الثالث : وهو صحّة الجميع أنّه كان مكرهاً على بيع أحدهما ، والواقع منه في
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ١٤.
(٢) المكاسب ٣ : ٣٢٤.