كون خصوصيّة المقام المكتنفة بالقرينة المذكورة مانعة من دلالتها على الكراهة وانتفاء طيب النفس وعدمه.
وإذا عرفت هذا فنقول :
أمّا الصورة الاولى : فالخصوصيّة المكتنفة بالقرينة في مقام أمثلة هذه الصورة عدول المكره عمّا اكره عليه من بيع العبد المعيّن إلى بيع غيره ، والحقّ فيها إنّها تزاحم دلالة القرينة على الكراهة وانتفاء طيب النفس بالقياس إلى بيع غير المعيّن المكره عليه ، ولذا يصحّ عرفاً أن يقال : إنّه غير مكره في بيع البشير وأنّه مختار فيه ، فالعقد الواقع بالنسبة إليه باقٍ على ظهوره في قصد وقوع الأثر فيكون صحيحاً بلا إشكال.
وأمّا الصورة الثانية : فالخصوصيّة المكتنفة فيها بالقرينة إنّما هو الجمع بين المعيّن المكره عليه وبين غيره بالبيع ، فهل تزاحم دلالة القرينة على الكراهة وانتفاء طيب النفس فيهما معاً أو لا تزاحمها فيهما معاً ، أو تزاحمها بالقياس إلى غير المكره عليه ولا تزاحمها بالنسبة إلى المكره عليه؟ وجوه ، أوجهها الأخير لشهادة الوجدان والصدق العرفي ، فيصحّ أن يقال : إنّه ليس بمكره على بيع البشير ولا يصحّ ذلك بالقياس إلى بيع المبارك ، بل يقال : إنّه مكره عليه ، فيصحّ الأوّل ويفسد الثاني.
لا يقال : إنّ الصحّة والفساد وصفان متضادّان ، والعقد واحد فكيف يتّصف بوصفين متضادّين ، لأنّا نقول : لا منافاة بينهما هنا لتعدّد المتعلّق ، فإنّ الصحّة عبارة عن تأثير العقد في تحقّق الأثر بالنسبة إلى البشير كما أنّ الفساد عبارة عن عدم تأثيره في تحقّق الأثر بالنسبة إلى المبارك ، ومناط تأثيره في الأوّل وعدم تأثيره في الثاني وجود طيب النفس في بيع البشير وانتفاؤه في بيع المبارك ، هذا كلّه فيما إذا باعهما بعقد واحد من باب الصفقة الواحدة.
وأمّا لو باعهما بعقدين على التعاقب ، فإن قدّم بيع الشيء المكره عليه ثمّ باع الآخر فلا إشكال في عدم دلالة القرينة على الكره بالنسبة إلى الثاني فهو ليس من عقد المكره بخلاف الأوّل ، وإن قدم غير المكره عليه ثمّ باع المكره عليه فهل هذه الخصوصيّة تمنع القرينة عن الدلالة مطلقاً نظراً إلى أنّه لو كان الحامل له على بيعه خوف الضرر المتوعّد به وقصد دفعه لناسب تقديمه فالعدول عنه إلى التأخير يكشف عن أنّ الحامل له غيره