اشتراط المالكيّة في المشتري أيضاً متّفق عليه بينهم كاشتراطها في البائع ، وينهض ذلك قرينة على إرادة المعنى العامّ.
وهاهنا مسامحة اخرى في لفظ «المالك» نظراً إلى أنّ العقد قد يجري على ما في الذمّة وهو كلّي بل قد يجري فيما لا وجود له في الخارج حال العقد كما في بيع السلم فيما لا يمكن وجود المبيع إلّا في وقت انصرام الأجل ، والملك وصف وجودي لا يلحق إلّا بالموجود الخارج ولا وجود لما في الذمّة ولا لما ذكر من المثال. ولو وجّه الأوّل بأنّ الجزئي المطابق للكلّي في الذمّة له وجود فإطلاق المالك حينئذٍ امّا باعتبار أنّه يملك المبيع نفسه فيما إذا كان عيناً شخصيّة أو أنّه يملك جزئيّة المطابقة له فيما إذا كان المبيع كلّيّاً في الذمّة ، فهو لا يتمشّى في الثاني ، فالمسامحة بالنسبة إليه على حاله ، ومبنى المسامحة على التوسّع في الاستعمال بإرادة ما يعمّ المالك الحقيقي والمالك المجازي وهو من يملك فيما بعد ، فإنّ الإطلاق عليه باعتبار ما يؤول إليه ، فيجوز دخوله في الإرادة من باب الاستعمال في عموم المجاز.
ثمّ المالك بالمعنى الحقيقي عبارة عن مالك التصرّف ، وملك التصرّف عبارة عن سلطنة مخصوصة تقتضي جواز التصرّف في المال أيّ تصرّف أصالة لو لا المانع. واحترزنا بقولنا «أصالة» عن الوكيل والوصيّ والوليّ ، فإنّ جواز تصرّفهم ليس أصالة بل تبعاً لإذن المالك أو الولاية عليه. وبقولنا «لو لا المانع» عمّن لا يجوز له التصرّف في ماله لمانع من تعلّق حقّ للغير به كحقّ الرهانة في العين المرهونة وحقّ الديّان في المفلس أو صباء أو جنون أو سفه وما أشبه ذلك ، فإنّ عدم جواز التصرّف في هذه الموارد وغيرها لوجود المانع فلا ينافي السلطنة المقتضية له ، لأنّ المقتضي قد يجامع وجود المانع.
والمراد بـ «المالك» هاهنا هو المالك للتصرّف أصالة أو تبعاً بإذن أو ولاية لو لا المانع ، بقرينة أنّهم احترزوا باشتراط المالكيّة عن الفضولي ، وهو من لم يكن أحد هؤلاء ، ولذا عرّفه الشهيد على ما حكي «بالكامل الغير المالك للتصرّف ولو كان غاصباً» (١) وفي معناه ما عن بعض العامّة من تعريفه «بأنّه العاقد بلا إذن من يحتاج إلى إذنه» (٢) واحترز
__________________
(١) غاية المراد : ١٧٧.
(٢) المكاسب ٣ : ٣٤٦.