وبذلك إن تمّ يندفع أيضاً ما يقال : من أنّ العلاج في الخبرين المتنافيين على وجه التباين الكلّي هو الرجوع إلى المرجّحات الخارجيّة ثمّ التخيير أو التوقّف لا إلغاء ظهور كلّ منهما ، فإنّ الجمع على الوجه المذكور حيثما ساعد عليه شاهدان متعيّن ولا يعدل مع إمكانه إلى الترجيح السندي.
نعم يرد على الشيخ أنّه إن أراد بما ذكره التبرّع في الجمع محافظة على الرواية المأثورة عن أهل بيت العصمة عن الطرح من دون جعله مستنداً للحكم الشرعي كما هو دأبه في كتابي الحديث ، فلا حجر منه. وإن أراد به الالتزام به على وجه يكون مدركاً للحكم الشرعي ، ففيه : أنّه لا مورد له في المقام لأنّه من أحكام التعارض وهو فرع على المقاومة بل الحجّيّة الذاتيّة. والروايتان ضعيفتان للجهالة ، أمّا الاولى فلوجود عليّ بن مسكين أو ابن سكن ـ على اختلاف النسخة ـ في سندها ، وهو مجهول غير مذكور في الرجال بمدح ولا قدح. وأمّا الثانية فلوجود الحجّال في سندها وهو أيضاً مجهول ، مع ما في الراوي أيضاً من الجهالة كما لا يخفى على الخبير البصير.
وتوهّم انجبار ضعف الاولى بالشهرة والإجماعات المنقولة إن سلّمنا الانجبار لا يجدي نفعاً في انجبار الثانية ، مع تطرّق المنع إلى صلاحية ما ذكر للجبر ، فإنّ جابر الرواية الضعيفة ليس إلّا عمل الأصحاب كلّهم أو معظمهم أو جماعة من معتبريهم وهو غير واضح ، والشهرة فتوائيّة وكونها استناديّة غير واضح ، والإجماع المنقول أقصاه إفادة الظنّ بالحكم الشرعي من غير تعرّض فيه للرواية ليكشف عن كون معقده عن الاستناد إليها.
ومع الغضّ عن ذلك فيتوجّه إلى الجمع المذكور أنّه في المتباينين يحتاج إلى شاهدين في كلّ من المتعارضين أوجب طرح ظاهره وهو مفقود فيهما.
وما تقدّم من التوجيه واضح الدفع بأنّ النصوصيّة في كلّ منهما ـ مع كون مورديهما العذرة وهي حقيقة في عذرة الإنسان لا غير ـ غير معقولة ، واختلاف التركيب الكلامي لا يوجب في نحو المقام اختلافاً في معنى اللفظ ، إلّا أن يقال : بأنّ الشاهد المعتبر وجوده في كلّ منهما قد يكون خارجيّاً ، ويمكن إثبات وجوده هنا بموثّقة سماعة بن مهران قال : «سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام وأنا حاضر فقال : إنّي رجل أبيع العذرة فما تقول؟