الفرق في صحّة الفضولي بين ما لو باع أو اشترى للمالك وبينه لنفسه. وقيل بالمنع ، ومرجعه إلى الفرق بين الصورتين بالصحّة في الاولى والبطلان في الثانية. وقيل بالفرق بين صورتي علم المشتري وجهله ، فالصحّة في الثانية دون الاولى.
والأقوى هو الصحّة وفاقاً للمشهور ، لعموم «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (١) وخصوص صحيحة الحلبي ، وظهور صحيحة محمّد بن قيس المتقدّمتين (٢) ولو سلّم عدم ظهور الثانية فيكفي ظهورها في العموم من جهة ترك الاستفصال ، وفحوى ما دلّ على صحّة النكاح في الفضولي حتّى نكاح العبد بدون إذن مولاه.
وليس للقول بالمنع إلّا وجوه ضعيفة :
منها : النبويّان المتقدّمان ، في أحدهما «لا تبع ما ليس عندك» وفي الآخر «لا بيع إلّا فيما يملك» (٣) والفضولي يبيع لنفسه ما لا يملكه فيبطل للنهي والنفي.
والجواب ما تقدّم في المسألة الاولى من الظهور فيما لا يتعلّق به ملك المسلم كالخمر والمسلم وما أشبه ذلك ، وقبول التخصيص بما إذا لم يلحقه إجازة المالك ، واحتمال البطلان بمعنى عدم ترتّب الأثر المقصود للعاقد وهو وقوع البيع له ، فهو لا ينافي وقوعه للمالك بعد الإجازة وإن لم يقصده العاقد.
ومنها : الأخبار الناهية عن شراء السرقة والخيانة ، وقد تقدّم (٤) منها رواية جرّاح المدائني وفيها «لا يصلح شراء السرقة والخيانة» والمرويّ عن قرب الإسناد في السؤال عن حلّ فرج الجارية المسروقة المبتاعة.
والجواب ـ مع عدم ظهور «لا يصلح» في التحريم ، وظهور خبر الجارية سؤالاً وجواباً في التصرّف قبل لحوق إجازة المالك ، فالمنع عنه لا ينافي صحّة أصل العقد بعد لحوق الإجازة ـ بأنّها قابلة للحمل على المنع من ترتيب الآثار الّتي منها جواز التصرّف على نفس الشراء من دون مراعاة الإجازة ، بل هو على ما عرفت ظاهر المرويّ عن قرب الإسناد فلتحمل عليه جمعاً.
ومنها : أنّ عقد الفضولي يعتبر في صحّته عدم سبق منع المالك وكراهته وهو في بيع
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) تقدّم في الصفحة ٧٥٦ و ٧٥٢.
(٣) تقدّما في الصفحة : ٧٦١.
(٤) تقدّم في الصفحة : ٧٦٣.