إليه ، وحينئذٍ فإن أجاز العقد من قصد له وقع له وعليه ردّ ما في ذمّته إلى مالك من خرج عنه العوض. فإن ردّه فهل بطل واقعاً أو وقع للعاقد الفضولي واقعاً؟ قولان :
اختار أوّلهما شيخنا قدسسره قائلاً : «بأنّ مقتضى القاعدة بطلان العقد واقعاً ، لأنّ مقتضى ردّ العقد بقاء كلّ عوض على ملك صاحبه ، إذ المال في باب الفضولي مردّد بين مالكه الأصلي ومن وقع له العقد ، فلا معنى لخروجه عن ملك مالكه وتردّده بين الفضولي ومن وقع له العقد ، ولو صحّ وقوعه للفضولي لم يحتج إلى إجازة ووقع له ، إلّا أنّ الطرف الآخر لو لم يصدّقه على هذا العقد وحلف على نفي العلم حكم به على الفضولي ، لوقوع العقد له ظاهراً ، كما عن المحقّق (١) وفخر الإسلام (٢) والمحقّق الكركي (٣) والسيوري (٤) والشهيد الثاني (٥)» انتهى (٦).
ونسب ثانيهما إلى ظاهر إطلاق بعض الكلمات كالقواعد (٧) والمبسوط (٨) وحكي نسبته أيضاً إلى جماعة (٩) في بعض فروع المضاربة.
ولعلّ مبناه على كون العقد عبارة عن الربط بين المالين لا المالكين ، فالبائع في صورة كلّيّة المثمن بتمليكه الكلّي بإزاء الثمن الخارجي ليكون عوضاً عنه يربط بينهما قاصداً البيع لزيد مثلاً ، وفي صورة كلّيّة الثمن بتمليكه العين الخارجي بإزاء الثمن الكلّي يربط بينهما والمشتري يقبله قاصداً الشراء لزيد مثلاً ، وإذا لم يجزه زيد انصرف الكلّي في الأوّل إلى ذمّة البائع وفي الثاني إلى ذمّة المشتري لعموم وجوب الوفاء بالعقود.
وفيه : أنّ تحقّق الربط بين المالين فرع على تحقّق الارتباط وهو في الفضولي المفروض مراعى بإجازة من قصد له البيع أو الشراء ، فإذا ردّه ارتفع الارتباط المراعى فلم يتحقّق الربط فلا يشمله العموم لانتفاء العقد.
ثمّ إنّ العلّامة قال في التذكرة : «لو اشترى فضوليّاً فإن كان بعين مال الغير فالخلاف في البطلان والوقف على الإجازة ، إلّا أنّ أبا حنيفة (١٠) قال : للمشتري لكلّ حال وإن كان
__________________
(١) الشرائع ٢ : ٢٠٥. (٢) الإيضاح ٢ : ٣٤٧.
(٣) جامع المقاصد ٨ : ٢٥١ ـ ٢٥٢. (٤) لم نقف عليه في التنقيح.
(٥) المسالك ٥ : ٣٠٠ ، و ٤ : ٣٧٩.
(٦) المكاسب ٣ : ٣٩٠ ـ ٣٩١.
(٧) القواعد ١ : ٢٤٧. (٨) المبسوط ٢ : ٣٨٦.
(٩) كما في الشرائع ٢ : ١٤٢ ، والقواعد ١ : ٢٤٧ ، والرياض ١ : ٦٠٧ ، والجواهر ٢٢ : ٣٨٤.
(١٠) المجموع ٩ : ٢٦١ ، المغني ٤ : ٢٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٨.