العذر في يوم الجمعة مع غسل يوم الجمعة لغير الخائف تكليفان في حقّ مكلّفين ، وكلّ منهما يقع في وقته لا أنّ الأوّل يقع قبل وقته ، وإطلاق التقديم عليه لأنّ مرجعه لو لا خوف طروء العذر أن يقع يوم الجمعة ، كما أنّ إطلاق يوم الجمعة عليه أيضاً بهذا الاعتبار. وفي ثانيهما فلأنّ إعطاء الفطرة قبل وقته إن اريد به إعطاؤها بعنوان الفطرة قبل توجّه الخطاب إليه فجوازه وإجزاؤه محلّ منع ، وإن اريد إعطاؤها المستحقّ قرضاً ليحتسب عليه في الوقت فهو ليس من تقديم المسبّب على الوقت الّذي هو السبب.
وأمّا سنده في المثالين الآخرين فلمنع كون الغسلين من قبيل الشرط المتأخّر عن المشروط ، لعدم كون المشروط بهما نفس الصوم المنعقد قبلهما بل صحّته ، والصحّة في العبادة عبارة عن موافقة الأمر بمعنى موافقة المأتيّ به للمأمور به الكلّي ، وهي حاصلة باعتبار أنّ المأمور به هو الإمساك المتعقّب لهذين الغسلين.
ودعوى : أنّ الشرط فيما نحن فيه أيضاً هو تعقّب العقد لرضى المالك أو لحوق الرضى به لا نفس الرضى ، فالشرط مقارن للعقد والمشروط وهو انتقال ملك العوضين مترتّب عليه ومتأخّر عنه ، لأنّ العلّة التامّة هو العقد المتعقّب للإجازة والعقد الملحوق بالإجازة ، والصفة الّتي هو الأمر المنتزع مقارنة للعقد وإن كان نفس الإجازة متأخّرة عنه.
يدفعها : أنّ جعل الشرط الأمر المنتزع وإن كان ممكناً إلّا أنّه لمخالفته أدلّة شرطيّة الرضى يحتاج إلى دليل مفقود في المقام ، فإنّ ظاهر الآية والرواية كـ «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» و «لا يحلّ مال امرئ إلّا بطيب نفسه» كون الشرط نفس الرضى وطيب نفس المالك ، لا لحوقه بالعقد ولا تعقّب العقد له.
وتوهّم : الفرق في ذلك بين العقد الّذي باشره المالك ومن يقوم مقامه ، والعقد الّذي باشره الفضولي ، وشرطيّة نفس الرضى بمقتضى ظاهر الأدلّة إنّما هو في الأوّل دون الثاني.
يدفعه : أنّ هذا الفرق يحتاج إلى فارق شرعي ، والبيان المذكور لكاشفيّة الإجازة لا يفي بذلك.
الرابع : أنّ الإجازة متعلّقة بالعقد فهو رضى بمضمونه ، وليس إلّا نقل العوضين من حينه.
وفيه : أنّ كون الإجازة متعلّقة بالعقد وكونها عبارة عن الرضا بمضمونه مسلّم ، ولكن كون مضمونه نقل العوضين من حينه غير مسلّم.